يوم 25 ابريل 2015 يحي الارمن الذكرى المئة على مذابح الارمن على يد الاتراك والتي وصفت بانها اول ابادة جماعية في القرن العشرين.
ارمينيا بلاد فيها فلاحين فقرا كتير،
وبجانبها بلد تاني ناسه كلهم أغنياء،
ليهم بيوت بل قول عايشين في قصور،
وقصورهم ليها سقوف طايله السماء،
يسموا نفسهم اسياد وجيرانهم عبيد صعاليق،
قابلت هناك عم "ارمن"،
ارمن كان شاعر ومُغنّى،
يملأ الليل بالحان وتراتيل واغاني.
وسط ثلوج وقمر واشجار،
وسط برد وصقيع،
وحفيف اغصان وعصافير بتغني،
قريته كانت بترمى ضل غميق..
وشّه كان وشّ البلد.. تبتسم.. يضحك ليها،
ولو تزعل القرية، أساه يصبغ خَضار الشجر،
وكأنت حياتهم بين شتاء وصيف ، ليل ونهار، حر وبرد،
زى ما رسم ربنا لكل مخلوقاته من البشر.
وفي يوم كئيب وفي غابة معتمة ونجوم بترسل نورها البهتان،
وفي "ساعة شيطان" قام عليه اخوه "ترك" وقتله،
وانا كنت واقف من بعيد وشفت ده كله بعيني،
ووجدت نفسي احني رأسي وانظر لبعيد،
وعملت نفسي من الخوف كأني حجر،
لا اسمع، لا ارى، انا لست من البشر،
وداعب النعاس اجفاني، ورويدا زحف الوسن الي كياني،
وغطي الثلج بدني وتيبست كل اوصالي،
وكأن لا شي حدث قدامي،
ولا حتى الصوت اللي حملها الريح لاذاني،
صوت عم "ارمن" يطلب النجدة،
او حتى صوت انفاسي وانا واقف هناك مرعوب.
ولما صحيت من النوم شفت يا عينى،
طفلتين يبكوا على ابيهم ويمسحوا دموعهم فى إيد امهم،
وشوية يمسحوها فى مناديلهم الجديدة..
هي دي آخرة الاخوّة،
اخرة الطيبة والمحبة والانسانية،
تتقتل يا ارمن يا طيب يا اصيل،
وانت لو جالك فقير، كنت تشوى قلبك الطيب وتحطّوله فى رغيف؟!
وليل ارمينيا له شكله المخيف،
والبلاط.. والسقعة.. والبدن النحيف..
وتسمعوني ابكي،
لا، انا ما ببكيش على ذليل مسكين،
ما ببكيش من الظلم والتعذيب،
انا بأبكي على شعب مفروض انه جاري وقريب،
لكنه في لحظة تحول لعدو غريب.
كانت ليلة طويلة،
وكان الجرح عميق،
وكانت حفرة مظلمة، وسجن جداره عال رهيب.
ولما انتشر خبر قتله طلعت الناس تشوف ايه اللي حصل،
لقوه مقتول وقطّته جنبه قاعدة،
قاعدة مش شايفة النهار، فى انتظار ليل تاني طويل،
“ارمن مات مقتول”،
قطّته توطى.. عشان دمعتها ما تعملش ع الأرض صوت..
ارمن مات مقتول،
يدمعوا.. يرسموا فوق الصدور علامات صليب..
والجرس يتلوّى فى حبال الكنيسة كانه حزين.. حزين.. حزين..
قتله الحزن.. يفرشوا فوقه الجرايد..
يركعوا الصغار يرصّوا على جسده ورود ورياحين،
والدموع.. غيمة على عيون الوجود.. “يا حبيبي يا عمو ارمن”..
روحى يا ماما الكنيسة وسيبينى قاعدة جنبه،
يا حبيبى يا عم ارمن.. أمها تبكى وتاخذها من إيديها..
مات شهيد.. مات شهيد الليل .. مات.. وكان عاوز يعيش،
الوداع يا عمو ارمن..
“الوداع يا قطته اللي قاعدة جنبه”
الأغراب شالوه زى الهوا، اصله كان من الجوع جسده نحيل،
دق الجرس فوق الكنيسة.. انشدت الناس الحان حزينة وتراتيل.
وعدى قرن من الزمان،
كنت لابس فيه وسام الصمت المهين،
"ترك" ينكر ويقول يا ترى هو ميت طبيعي ولّا قتيل؟
يا اللا فكروا معاي، بس هاتوا دليل!
وبنته، لمحتها حانية ركبها وعلى قبره راسها مطاطية ،
كانت ضفائرها الذهبية، في ضوء الاصيل مع الريح تتهادي،
مكدودة ومن الحزن مهدودة،
لا تقوى على الكلام ولا حتى انها تنادي،
كانت عاجزة، وكنت أنا صامت مشلول،
"اوه، ايها التاريخ الحزين!"،
سمعتها تتنهد بحزن دفين،
بعدت عنها ووقفت اراقب من بعيد،
ناس كتير رايحين جايين،
ماسكين زهور يحطوها على شواهد وقبور،
وأطفال صغار يبكون،
ارثي.. ولا ابكي،
والناس تردّ الآهة آه،
والنهارده يوم حزين،
قتله ليل بارد وطويل،
اصله كان لابس لبس خفيف،
قتلته الآه،
قتلته شنبات رجالة لابسين طرابيش،
قتلته قرارات ظالمة بالترحيل،
قتلته احقاد واوهام وتهم واكاذيب،
قتلته وساوس ابليس في عقول ملاها جهل مقيت،
ومرت السنين، وعدت مسيرة المليون ونص شهيد.
وبعد قليل الضباب عمّال يضيع.. والشمس اكيد بتشرق من جديد...
===
http://armenian-poetry.blogspot.com
http://1915armeniangenocide.blogspot.com/