30 أغسطس 2013

"أمسرور احد فليرتل"(يع5: 13)



الترانيم هي هيام النفس المسرورة بعريسها المسيح.
هي اناشيد النفس المتغربة في رحلتها الى الوطن السمائي.
هي مزامير المصاعد الى مدينة الله الخالدة.
هي موسيقى الحب الالهي المعزوفة على اوتار القلب المسبي بحب الله بالروح القدس.

لقد عرفت الكنيسة القبطية اهمية الترانيم فتغنت بالمدائح و التسابيح و الترانيم منذ تأسيسها. فهي خير زاد لشعب الله في برية العالم الموحشة.
القمص ارميا بولس

لتحميل ملف عن شهر كيهك والتسبيح اضغط هنـــــــــــــا

27 أغسطس 2013

طبيب الاسنان


د. يسبك هو احد اصدقائي، وبصفته طبيب أسنان أراد أن يطمئن على سلامة أسناني بعمل بانوراما على فمي، فشكرته على كرمه، وقلت له: إن أسناني على ما يرام، ولا أشعر بأي نوع من الآلام طوال هذه الأيام. لكن بلطفه المعهود أقنعني أننا لن نخسر شيئًا؛ لنفحصها ونرى... وهكذا ذهبنا إلى عيادته بمونتريال، وأدخلني إلى المعمل، وسلَّمني لأخصائية الأشعة، فسلطت إشعاعاتها داخل فمي، وأخذت ما لا يقل عن عشرة صور. وكانت المفاجأة ليس فقط كَمٌّ هائل من الجير يحتاج إلى إزالة، بل في كمية السوس التي تنخر في أعماق ضروسي دون أن إحس بأي ألم. رفضت في بادئ الأمر العلاج، ولكن أمام الصور التي لا تكذب رضخت وأطعت.
===
هل تريد من الرب الطبيب العظيم أن يفحصك؟ لا أسنانك وفمك؟ بل نفسك وقلبك؟ دواخلك ودوافعك؟ هل تريد ذلك حقاً؟ وماذا لو أتينا للرب بإخلاص لكي يمحِّصنا ويفحصنا؟ لقد جاء إليه داود قائلاً: «اخْتَبِرْنِي يَا اللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتَحِنِّي وَاعْرِفْ أَفْكَارِي. وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ وَاهْدِنِي طَرِيقًا أَبَدِيًّا» (مزمور139: 23). وماذا كانت نتيجة الفحص؟ وهل تقتنع بها؟ ثم هل تقبل العلاج الإلهي؟

نتيجة الفحص في المعمل الإلهي:

عندما أتى إشعياء النبي إلى الرب فحصه فحصًا شاملاً وكانت النتيجة في هذا التقرير: «كُلُّ الرَّأْسِ مَرِيضٌ وَكُلُّ الْقَلْبِ سَقِيمٌ. مِنْ أَسْفَلِ الْقَدَمِ إِلَى الرَّأْسِ لَيْسَ فِيهِ صِحَّةٌ بَلْ جُرْحٌ وَأَحْبَاطٌ وَضَرْبَةٌ طَرِيَّةٌ لَمْ تُعْصَرْ وَلَمْ تُعْصَبْ وَلَمْ تُلَيَّنْ بِالزَّيْتِ» (إشعياء1: 6).

بل وفي محضره صرخ إشعياء قائلاً: «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ الشَّفَتَيْنِ لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ» (إشعياء6: 5).

لقد تأكد فحص الفم البشري وإليك بعض النتائج:

«لأَنَّهُ لَيْسَ فِي أَفْوَاهِهِمْ صِدْقٌ. جَوْفُهُمْ هُوَّةٌ. حَلْقُهُمْ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ. أَلْسِنَتُهُمْ صَقَلُوهَا» (مزمور5: 9). «حُمَةُ الأُفْعُوانِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ» (مزمور140: 3). وأيضًا «فَمُهُ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَغِشًّا وَظُلْمًا. تَحْتَ لِسَانِهِ مَشَقَّةٌ وَإِثْمٌ» (مزمور10: 7).
وفي رومية3، نجد صورة الأشعة التي أخذها الله للجنس البشري كله سواء لليهود أو غيرهم فماذا أظهرت؟

(1) لقد أظهرت الأشعة الإلهية عدم بِر الجنس البشري كله «أنه ليس بار ولا واحد» (رومية3: 10).

(2) كما أنها أظهرت جهله واستقلاله عن الله «ليس من يفهم. ليس من يطلب الله» (رومية3: 11).

(3) وظهر زيغانه وفساده وقلة صلاحه «الجميع زاغوا وفسدوا معًا ليس من يعمل صلاحًا، ليس ولا واحد» (رومية3: 12).

(4) كما أظهرت أن حنجرته فاسدة، ولسانه غشاش، وشفتاه مسمومتان: «حنجرتهم قبر مفتوح، بألسنتهم قد مكروا. سم الأصلال تحت شفاههم» (رومية3: 13).

(5) بل «وفمهم مملوء لعنة ومرارة» (رومية3: 14).


(6) والإنسان على استعداد دائم لارتكاب الجريمة «أرجلهم سريعة إلى سفك الدم» (رومية3: 15).

(7) وكل ما ينتجه هو الخراب والدمار «في طرقهم اغتصاب وسحق» (رومية3: 16).

(8) «وطريق السلام لم يعرفوه» (رومية3: 17).

(9) و«ليس خوف الله قدام عيونهم» (رومية3: 18).

إن الخطية أصابت الجنس البشري كله كما أصابت كل جزء فيه... وإن كان ليس كل إنسان قد ارتكب الخطية ولكنه يمتلك طبيعة يمكنها أن ترتكب كل الخطايا. لقد أخذ الرب اليهود كعينة من البشر فوجدهم فاسدين، لقد أعطاهم الناموس وهو كامل لكنه كشف اعوجاجهم، تمامًا كالمسطرة التي تكشف الخط الأعوج.

علاج الله لخراب الإنسان:

لقد كنت مخدوعًا بأني وأسناني في أسعد حال، معتقدًا أني أفضل من كثيرين غيري، حتى كشفت الأشعة السوس الذي ينخر في أعماق ضروسي، لكنها لم تعالج ذلك. هكذا كان ناموس الله كالمرآة التي تكشف العيوب لكن لا تعالجها، لذلك جاء المسيح لكي يقدم لنا العلاج الإلهي «لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ (مثل الأشعة في معمل الدكتور يسبك) مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ. وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ. مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ» (رومية3: 20-26).

صفوت تادرس
http://www.nahwalhadaf.com/

راعوث 4


باع أليمالك أرضه قبل أن يذهب إلى موآب وكانت الأرض تعود لصاحبها أو ورثته فى سنة اليوبيل. وإن لم تكن سنة اليوبيل قد أتت كان على صاحبها أن يدفع ما تبقى من ثمنها ليستردها.
وفى حالة أليمالك فقد مات هو وأولاده، فمن يا ترى يرث الأرض ؟
 هنا تذهب الأرض لإخوته او لاقرب نسيب، فالأرض ليست من حق نعمى ولا راعوث كميراث، فقط من حقهن أن يعشن منها وفى حالة موتهن تذهب الأرض إلى أقرب نسيب.
ولكن نعمى وراعوث لا يملكن ما يدفعنه لمالك الأرض الحالى ليستردوا الأرض ويعيشوا منها. فكان لابد لأقرب ولى أن يدفع هو ما يجب دفعه للمالك الحالى.
+ الولى الأول رفض ان يدفع لأنه يعلم أنه فى حالة موت نعمى وراعوث تصبح الأرض ملكاً لهُ. ولكن حين عُرض عليه أن يتزوج راعوث رفض لأنه يعلم أنه بزواجه من راعوث يقيم نسلاً للميت أى محلون وبذلك تكون الأرض لإبن راعوث وليس لهُ هو فالمولود الأول يُنسب للزوج الميت.
+ كان بوعز لا يستطيع أن يفك الأرض ويتزوج راعوث ما لم يرفض الولى الأول ذلك.. فأخذ 10 رجال من شيوخ المدينة و جلس في باب المدينة .. ثم نادى على الولي الاول "يا فلان الفلانى" ومن المؤكد أن بوعز ناداه بإسمه لكن الوحى رفض ذكر إسمه لأنه غير مستحق لذكر إسمه. و حينما رفض ان يفك قال بوعز: انى قد إشتريتها (والمسيح قد إشترى كنيسته بدمه).. بارك الجميع بوعز .. ليجعل الرب بيتك كبيت فارص (فارص إقتحم أخاه زارح وسلب منهُ البكورية (تك 28) وهكذا إقتحم بوعز الولى الأول وسلب منه البركة وهكذا إقتحمت كنيسة العهد الجديد كنيسة العهد القديم آخذةً كل بركاتها وأكثر كثيراً).

راعوث 3


نصحت نعمي راعوث قائلة "لا تعرفى عند الرجل حتى يفرغ من الأكل والشرب" أى لاتتكلمى معهُ إلاّ بعد أن يخرج الخدام وليس فى وقت العمل وليس أمام الناس. وهذا كله لهُ معناه الروحى، فالناموس (نعمى) يطلب الكنيسة أن يكون لها راحة وفرح بالمسيح المخلص. ويكون للكنيسة نسلاً أى ثمار ومؤمنين كثيرين يدخلون الإيمان. فالناموس غايته المسيح (رؤ 10 : 4). "إغتسلى" لا دخول إلى العريس بدون معمودية. "تدهنى" بالميرون يسكن الروح القدس فينا. اللقاء السرى فى المخدع، أى أن تكون علاقة المحبة سراً. فبعد أن تقابلت مع المسيح فى الحقل أى الخدمة، على النفس أن تعود للمخدع فى نهآية اليوم لتتقابل مع المسيح سراً فى المخدع. "أدخلى وإكشفى ناحية رجليه" أى نتعرف على أسراره الإلهية قدر ما نتحمل كبشر..
قالت راعوث لبوعز "ابسط ذيل ثوبك على أمتك" هذا طلب بالزواج. والآن راعوث تنفذ طقس دينى كيهودية تعرف شريعة اليهود. وهذا نفس ما قيل فى (حز 16 : 7-8) كنبوة عن المسيح "فبسطت ذيلى عليك وسترت عورتك". و مدحها بوعز على ما فعلته قائلا: "مباركة انت .. لأن معروفك فى الأخير أكثر الأول" فهى الآن فضلت ان ترد ميراث نعمى وتقيم نسلاً للميت أى بإسمه عن أن تتزوج بشاب. ثم بعد جهادها الشاق حصلت على إيفة وهى تعادل 3 مكاييل ولكن لقاء بعد البيدر أعطاها مجاناً دون جهاد الضعف أى 6 مكاييل.. ونعمى فهمت من أن بوعز أعطى لراعوث 6 مكاييل أنه يطلب لها الراحة وسيعمل على هذا بل أنه لن يستريح حتى يريح راعوث

راعوث 2


إستأذنت راعوث حماتها لتذهب لتعمل فى الحقول لتأكل هى وحماتها من ثمر تعبها. وبحسب الشريعة كانت تُتْرك سنابل الحصاد الساقطة من وراء الحصادين للغريب والمسكين. (تث 24)
ورمزياً:- فراعوث تشير لكنيسة الأمم التى إلتصقت بنعمى (كنيسة اليهود). ونعمى كانت ذا قرآبة بالجسد مع بوعز (المسيح جاء بالجسد من اليهود).. فإتفق نصيبها (وهذا ليس مصادفة بل هو تدبير من الله) في حقل بوعز.. و حينما رآها بوعز تلتقط سأل عنها و علم انها تركت موآب وجاءت مع حماتها مدحها و اوصاها ألا تذهبى لتلتقط فى حقل أخر و هذا وعد منه برعايتها.. ووصية بوعز "لا تبرحى من ههنا" (ووصية الله لنا ألا نترك الكنيسة) –"لازمى فتيانى" (أى نكون فى شركة مع القديسين). و لاحظ التواضع الكبير الذى ردت به راعوث وقالت له "كيف وجدت نعمة في عينيك حتى تنظر إلى وأنا غريبة". هكذا على كل نفس تذوقت عطايا الروح القدس أن تنحنى لتسجد علامة شكر للمسيح.
ونلاحظ قول بوعز "أنسلوا لها من الحزم" أى تظاهروا بأنكم نسيتم الحزم فى الحقل فتصبح من حق راعوث، هذا كرم المسيح فى عطاياه فهو الذى يعطى بسخاء ولا يُعيّر.
.. قالت نعمي حينما قصت لها راعوث عما حدث "مبارك هو من الرب لأنه لم يترك المعروف مع الأحياء والموتى" تعنى ان بوعز صاحب أفضال سابقة على عائلة نعمى زوجها وولديها وها هو صاحب فضل على الأحياء أى نعمى وراعوث. والمسيح هو الذى تبارك فيه الجميع الموتى والأحياء. فهو الذى أطلق الموتى من الجحيم إلى الفردوس. والأحياء إمتلأوا رجاء فيه. فإحسان المسيح كان مع الجميع ومازال مستمراً. وهو تقدم كولى ثان لنا بعد أن شاخ الناموس وعجز من إشباعنا
وصية نعمى لراعوث تأكيد لوصية بوعز. و هي أن تلازم راعوث فتيات بوعز. وهى وصية الناموس والعهد القديم لنا أن نلازم الكنيسة والقديسين. "حتى لا يقعوا بك في حقل غريب" لانه إن تركت راعوث حمآية بوعز (وحمآية الكنيسة) يقع بها الفتيان الأشرار (الشياطين).

راعوث 1




سفر راعوث هو السفر الوحيد الذى سمى بإسم إمرأة أممية لانها صارت أماً للمسيح، كما حُسِبَت رمزاً لكنيسة الأمم . ونلاحظ فى نسب المسيح 3 نساء امميات وهم ثامار الكنعانية وراحاب الكنعانية وراعوث الموآبية فالمسيح أخذ لنفسه طبيعة كل البشر وليس طبيعة اليهود فقط.

منع الله شعبه قديما أن يختلط بالشعوب الوثنية و منها موآب (تث 23)، ولكننا نجد أولاد أليمالك يتزوجون بموآبيات ضد الشريعة.  

نلاحظ رقة التعامل من نعمى لكنتيها عُرفة و راعوث. وهن شعرن بمحبتها أثناء عشرتهن لها فتمسكن بألاَّ يفارقنها. عُرفة حملت وفاءً صادقاً لحماتها لكنها عادت لأهلها. ورمزياً فهى تمثل من يحب المسيح لكنه ليس على إستعداد لترك ملذات العالم من أجله، فهم يحبون المسيح لكنهم يحبون العالم أكثر. وأمّا راعوث فقد فاقت الحدود البشرية فى محبتها وأصبحت تمثل من يترك بإيمانه أرض الخطية لينطلق إلى المسيح كما ترك إبراهيم أور وحاران.

التصاق راعوث بحماتها يرمز لإلتصاق الشخص بالكنيسة وعن طريق ذلك الإلتصاق يحدث الزواج مع العريس المسيح كما تزوجت راعوث ببوعز.
رجعت نعمي و راعوث الى اسرائيل ودخلتا بيت لحم فى إبتداء حصاد الشعير. نعمي عادت لبيت لحم لتجد الحقول ممتلئة ومن يعود للكنيسة سيجد خيرات كثيرة. والله يشبع كل نفس عائدة إلى بيت لحم (الكنيسة). مولود بيت لحم قادر أن ينزع مرارة النفس التى عادت وهى مُرّة.
نعمى السيدة اليهودية التى تتمتع بالناموس والآنبياء وحصلت على الخلاص فى وقت الضيق تركت أرض الميعاد لتذهب للحياة السهلة فى موآب وإذ بها تخسر كل شئ فى أرض موآب: زوجها وأولادها. بينما راعوث التى نشأت فى أرض موآب حيث الخطية والوثنية إذ تسمع عن الإله الحى تخرج بالإيمان إلى بيت لحم لتتزوج بوعز ويأتى من نسلها المسيح.

26 أغسطس 2013

في رعاية الراعي


ذات مرة كان هناك راع يحب قطيعه كثيرا كان يعطي قطيعه المكون من 100 خروف الكثير من الرعاية يوفر لها الغذاء و الحماية. على ان واحدا من قطيعه كان يسبب له المتاعب دائما، فيبتعد عن باقي الغنم ويتجه الى كل ناحية. و كان يدور في فكره خاطر يقول: انهم لا يرونني. ساتركهم الان لاجد سعادتي بعيدا عنهم. ولكن ما ان يبتعد حتى تجئ يدان قويتان تحملانه، و صوت حنون يقول له:
"لقد وجدتك ! الى اين تذهب ؟ ان ضلالك هنا و هناك سيوقعك يوما في مشكلة..
و لكن الحمل الصغير لم يكن يعطي الراعي انتباها. و كان اصدقاء الراعي يحذرونه من هذا الخروف المتعب..
قال احد اصدقاء الراعي يوما له: "لقد سمعت انك مضيت لتفتش عنه في المنحدرات لماذا تبقيه عندك؟ لو كنت مكانك لتخلصت منه قبل ان يجر باقي الخراف الى الضلال .
و لكن الراعى لم يلتفت لما قالوه، فقد كان يحب قطيعه جدا. كل واحد منه كان له مكانة خاصة عنده. و كان الراعي يرجو ان العناية بخروفه المزعج هذا، ستقنعه يوما بمحبته له.
و بينما الراعى يجول بقطيعه يوما سمع دوى صوت من السماء. انها عاصفة اتية بسرعة، و يبدو من منظر السحب انها ستمطر. اخذ الراعي في تجميع قطيعه ليذهب به الى الحظيرة حتى يكون في امان. وعندما بدأ في ذلك كانت العاصفة قد بدأت فعلا.
كان الخروف المزعج قد لاحظ بعض الورود الجميلة الالوان، تتماوج مع هبات الريح. و فكر انها لابد انها لذيذة الطعم، فاتجه نحوها و هو يقول في نفسه:
 "في الحياة ما هو اروع من اتباع الراعي"..
 كان الراعي مشغولا برفع شجرة اسقطتها الريح ليفسح الطريق لقطيعه، و لهذا فانه لم يلحظ الخروف الذى ضل. و ظن الحمل انه يستمتع بلعبة جميلة، فاختبأ وراء شجيرة حتى مضى الراعي بقطيعه، ثم قال لنفسه:
" لقد تحررت اخيرا بوسعي ان اكتشف الكون كما اريد"
و عندما ادخل الراعي خرافه بامان داخل الحظيرة هطل المطر بشدة. و هنا ادرك الراعي ان خروفه المتعب غير موجود!
ازدادت العاصفة شدة و لكن الراعي عرف واجبه.. و قام من مخبئه ليفتش عن الخروف الضال. كان يمكن للراعي ان يعتبره شيئا مزعجا، لا يستحق البحث عنه، من الافضل له ان يموت. لكن مثل هذا الخاطر لم يجل بفكر الراعي.
و في بطء تحت المطر و في العاصفة سار الراعي في الطرقات الجبلية تنزلق قدمه مرة، و تؤلمه الصخور مرات، وهو يفتش في كل مكان .. كان يعلم ان الوحوش ستجد سعادتها و هي تلتهم لحم خروف سمين..
و اكتشف الخروف ان السعادة التي كان يرجوها لم تعد سعادة.. فالمطر المنهمر اغرقه فشعر بالوحدة و الضياع. و كانت زمجرة الريح العاصفة تبعث الرعب، اذ لم تبق اي شئ في مكانه !..
ما .. ماهذا؟ الشجرة ستقع! و صدمت صاعقة الشجرة فتمايلت و سقطت. فزاد رعب الخروف و حاول ان يجرى مبتعدا. و لكنها سقطت قبل ان يبتعد فامسكت بعض فروعها بفروته.
قال الخروف لنفسه: "بالتأكيد ضعت. لقد اسأت التصرف. لعل الراعي قد نفض يده مني ".. و حاول ان ينقذ نفسه بلا جدوى .
ايقن الذئب ذو العينان السوداوين ان طعامه جاهز، فقفز ليمسك به .. و من بين فروع الشجرة ظهر الذئب الكبير الحجم و هو يلعق شفتيه استعدادا للوليمة. و قال الحمل في نفسه:
" لقد ضعت انتهيت.. انا هالك! لماذا تركت الامن و الحب عند راعي ؟ لماذا؟ لماذا؟.."
قفز الذئب على الحمل.. ولكن في لحظة القفزة اصابه حجر .. لا يدري من اين و ضربه بين عينيه فأطلق الذئب صرخة مدوية، و قع بعدها على الارض. و تطلع الحمل في ذهول، كان الذئب يرقد الى جواره بلا حراك و المطر المنهمل يزيح الدماء المندفعة من رأسه. و اخذ الحمل يتساءل من اين جاءت الضربة القاتلة؟!!
و جاءت اجابة سؤاله عندما سمع صوتا يقول:
"نجاة في اخر لحظة"
ووقف الراعي الكبير يمسك مقلاعه بيده اليمنى .. من هنا جاءت الضربة واخذ يخلص خروفه المسكين من بين فروع الشجر.
و تطلع الحمل الى وجه الراعي و هو يفكر:
"كيف يرضى ان يغفر لي ؟ لابد انه بعد رجوعنا سيضربني ثم يبيعنى الى راع اخر! لقد سببت له المتاعب".
و لكن كم كانت دهشة الحمل عندما رفعه و قبل فروته !!
كانت العاصفة قد توقفت فحمله على كتفه وسار يغني فرحا لان الضال قد رجع.
===
هل الله يحبنا اقل من محبة الراعي لخرافه؟
"الله لا يريد ان يهلك احدا بل ان يقبل الجميع للتوبة"