ذات
مرة كان هناك راع يحب قطيعه كثيرا كان يعطي قطيعه المكون من 100 خروف
الكثير من الرعاية يوفر لها الغذاء و الحماية. على ان واحدا من قطيعه كان
يسبب له المتاعب دائما، فيبتعد عن باقي الغنم ويتجه الى كل ناحية. و كان
يدور في فكره خاطر يقول: انهم لا يرونني. ساتركهم الان لاجد سعادتي بعيدا
عنهم. ولكن ما ان يبتعد حتى تجئ يدان قويتان تحملانه، و صوت حنون يقول له:
"لقد وجدتك ! الى اين تذهب ؟ ان ضلالك هنا و هناك سيوقعك يوما في مشكلة..
و لكن الحمل الصغير لم يكن يعطي الراعي انتباها. و كان اصدقاء الراعي يحذرونه من هذا الخروف المتعب..
قال
احد اصدقاء الراعي يوما له: "لقد سمعت انك مضيت لتفتش عنه في المنحدرات
لماذا تبقيه عندك؟ لو كنت مكانك لتخلصت منه قبل ان يجر باقي الخراف الى
الضلال .
و
لكن الراعى لم يلتفت لما قالوه، فقد كان يحب قطيعه جدا. كل واحد منه كان
له مكانة خاصة عنده. و كان الراعي يرجو ان العناية بخروفه المزعج هذا،
ستقنعه يوما بمحبته له.
و
بينما الراعى يجول بقطيعه يوما سمع دوى صوت من السماء. انها عاصفة اتية
بسرعة، و يبدو من منظر السحب انها ستمطر. اخذ الراعي في تجميع قطيعه ليذهب
به الى الحظيرة حتى يكون في امان. وعندما بدأ في ذلك كانت العاصفة قد بدأت
فعلا.
كان
الخروف المزعج قد لاحظ بعض الورود الجميلة الالوان، تتماوج مع هبات الريح.
و فكر انها لابد انها لذيذة الطعم، فاتجه نحوها و هو يقول في نفسه:
"في الحياة ما هو اروع من اتباع الراعي"..
كان
الراعي مشغولا برفع شجرة اسقطتها الريح ليفسح الطريق لقطيعه، و لهذا فانه
لم يلحظ الخروف الذى ضل. و ظن الحمل انه يستمتع بلعبة جميلة، فاختبأ وراء
شجيرة حتى مضى الراعي بقطيعه، ثم قال لنفسه:
" لقد تحررت اخيرا بوسعي ان اكتشف الكون كما اريد"
و عندما ادخل الراعي خرافه بامان داخل الحظيرة هطل المطر بشدة. و هنا ادرك الراعي ان خروفه المتعب غير موجود!
ازدادت
العاصفة شدة و لكن الراعي عرف واجبه.. و قام من مخبئه ليفتش عن الخروف
الضال. كان يمكن للراعي ان يعتبره شيئا مزعجا، لا يستحق البحث عنه، من
الافضل له ان يموت. لكن مثل هذا الخاطر لم يجل بفكر الراعي.
و
في بطء تحت المطر و في العاصفة سار الراعي في الطرقات الجبلية تنزلق قدمه
مرة، و تؤلمه الصخور مرات، وهو يفتش في كل مكان .. كان يعلم ان الوحوش ستجد
سعادتها و هي تلتهم لحم خروف سمين..
و
اكتشف الخروف ان السعادة التي كان يرجوها لم تعد سعادة.. فالمطر المنهمر
اغرقه فشعر بالوحدة و الضياع. و كانت زمجرة الريح العاصفة تبعث الرعب، اذ
لم تبق اي شئ في مكانه !..
ما
.. ماهذا؟ الشجرة ستقع! و صدمت صاعقة الشجرة فتمايلت و سقطت. فزاد رعب
الخروف و حاول ان يجرى مبتعدا. و لكنها سقطت قبل ان يبتعد فامسكت بعض
فروعها بفروته.
قال الخروف لنفسه: "بالتأكيد ضعت. لقد اسأت التصرف. لعل الراعي قد نفض يده مني ".. و حاول ان ينقذ نفسه بلا جدوى .
ايقن
الذئب ذو العينان السوداوين ان طعامه جاهز، فقفز ليمسك به .. و من بين
فروع الشجرة ظهر الذئب الكبير الحجم و هو يلعق شفتيه استعدادا للوليمة. و
قال الحمل في نفسه:
" لقد ضعت انتهيت.. انا هالك! لماذا تركت الامن و الحب عند راعي ؟ لماذا؟ لماذا؟.."
قفز
الذئب على الحمل.. ولكن في لحظة القفزة اصابه حجر .. لا يدري من اين و
ضربه بين عينيه فأطلق الذئب صرخة مدوية، و قع بعدها على الارض. و تطلع
الحمل في ذهول، كان الذئب يرقد الى جواره بلا حراك و المطر المنهمل يزيح
الدماء المندفعة من رأسه. و اخذ الحمل يتساءل من اين جاءت الضربة
القاتلة؟!!
و جاءت اجابة سؤاله عندما سمع صوتا يقول:
"نجاة في اخر لحظة"
ووقف الراعي الكبير يمسك مقلاعه بيده اليمنى .. من هنا جاءت الضربة واخذ يخلص خروفه المسكين من بين فروع الشجر.
و تطلع الحمل الى وجه الراعي و هو يفكر:
"كيف يرضى ان يغفر لي ؟ لابد انه بعد رجوعنا سيضربني ثم يبيعنى الى راع اخر! لقد سببت له المتاعب".
و لكن كم كانت دهشة الحمل عندما رفعه و قبل فروته !!
كانت العاصفة قد توقفت فحمله على كتفه وسار يغني فرحا لان الضال قد رجع.
===
هل الله يحبنا اقل من محبة الراعي لخرافه؟
"الله لا يريد ان يهلك احدا بل ان يقبل الجميع للتوبة"