6 سبتمبر 2013

حروب الشيطان

لا تنتظر أماناً فالعدو يلاحقك باستمرار . إن لم يكن غضبُه علنياً فهو يسعى بمكر. ولذلك فقد سمي الأسد والتنين . سموّه أسداً لما يبديه من غضب وسموه تنيناً لما يخفي من مكر.
لا تظنن الشيطان قد فقد شراسته ولهذا فحين يمالقك ، ويجب أن تزيد خشية منه.
وكيف يسعك أن تنتصر على عدوّ غضبان إذا لم تتمكن من الانتصار عليه متى لاطفك؟
أنه يمالقك واعداً بالأمجاد والثروات والملذات ، ويهددك مغالياً في العذابات والحرمان التي تنتظرك.
الحية تهمس في أذنك قائلة لتدفع بك إلي الإثم: ولماذا تحيا هكذا؟ أأنت وحدك مسيحي؟ ولمَ لا تعمل كغيرك؟
العدو يلحّ عليك ويلحّ والأفظع من هذا كله أنه يخنق المسيحيين بمثل المسيحيين.
راقب نفسك ولا تقتد بالأشرار.
ولا تقل: سأعمل هذا لأن الكثيرين من المسيحيين يعملونه ، وذاك ليس موقف من يستعد للدفاع عن نفسه بل حال من يبحث عن رفاق له إلي جهنم.
أنم في أرض المجربّ وكبريائه ، إن دفعته عنك وراقبت رأسه عجز عن الدخول إلي قلبك . قد يحاصر مدينة محصنة لكنه لن يتمكن من الأستيلاء عليها سيستمر في الضرب لكي يهاجم أما إذا وجد الباب موصداً فسيمر عابراً.
لتكن نار التجربة امتحاناً لك ، إن وجدت ذهباً ولم تجد قشاً نزعت عن الذهب الوسخ العالق دون أن تحوله إلي رماد.  لا تعجب بما يضحك لك في العالم ، ولا تنشئ حواراً مع شهواتك.
ابن بيتك على المسيح ، إن لم تشأ أن يجرفك النهر والريح والسيل. إن شئت سلاحاً ضد تجارب عدوّك فأعمل على أن ينمو في قلبك ويترسَّخ الشوق إلي أورشليم السماوية.
سوف ينتهي الأسر وتحلّ السعادة ؛ سوف يهلك خصمك الأكبر وتنتصر إلي الأبد مع الملك. 
 القديس اغسطينوس

5 سبتمبر 2013

التجارب (الضيقات)




المحنة كالنار: إن وجدتك ذهباً نزعت ما فيك من أوساخ ، وإن وجدتك تبناً حوّلتك إلي رماد.
أعتبر هذا العالم كور صائغ تجد فيه على السواء الذهب والتبن والنار: الأبرار فيه كالذهب والاشرار كالتبن والتجربة كالنار والله كالصائغ.
البار يسبح الله والذهب يلمع ؛ الكافر يجدّف على الله والتبن يدخّن: أحدهما يتنقي والآخر يهلك بالتجربة ذاتها كما بالنار ؛ أمّا الله الذي هو الصائغ فأنه يُمْدَحُ من أجل هذا وذاك.
كثرة الأشرار مناسبة دائمة لتنقية الأبرار ؛ لأنه وإن أختلط الأبرار بالأشرار واختفوا في صفوفهم فإن الله يعرف خاصته.
لا تضيع سبيكة صغيرة من الذهب في كومة من التبن إذا كانت يد صائغ كهذا الصائغ فوقها.
ما أكثر التبن وأقل الذهب ! ولكن لا تخف لأن الصائغ يتمتع بمهارة تخوله أن ينقّي ويحفظ من الضياع.
لك أقول أيها المصغي إليَّ : لا أقول من نفسي وبلساني: كن صالحاً وأحتمل الشر ، كن صالحاً وأحتمل الشر مضاعفاً.
كن صالحاً ولا سيما في باطنك ؛ لأنك إن لم تكن صالحاً في باطنك فلست صالحاً البتة ؛ وعليه ، كن صالحاً من الداخل وأحتمل الشر في الخارج والداخل.
أحتملْ في الخارج من كان خارجاً عن معتقدك وغير مؤمن ، وأحتمل ، في الداخل ، المسيحي غير الصالح .
وإذ تحتمل الأشرار الذين يضايقونك تعجب باطنياً وتشمئز كأن يوم التذرية قد حان لقد وضعت هناك للدياس ولا تزال على البيدر للغربلة.
 تنقل الحنطة والحزم إلي البيدر لكي تؤمن الشعوب فهل تظن أنك الحنطة الوحيدة على البيدر؟
أنتحبْ على البيدر لكي تفرح في الأهراء.
تدرَّبْ على الحياة بين الأشرار ، ولا تقل: إن كان لابدَّ ، أقله ، من الأشرار ، امتحاناً لي فليكن عددهم قليلاً وعدد الأبرار كبيراً.
أنت لا تفكّر بأنهم ، إن كانوا قلَّة ، لما استطاعوا أن يدربوا عدداً كبيراً . إن كنت رجلاً فطناً عرفت أنه لو كثر عدد الأشرار فعلي جيش الأبرار القليل العدد أن يعمل وسط تلك الكثرة من الأشرار. الإنسان في شقائه بعرق جبينه يعمل ، والذهب يتنقي بالعرق.  كنْ إذن في جمال بيت الله.
إن كانت المحنة كالنار فالسعادة كالماء ؛ النار تحرق والماء ينتن ؛ فعلي الإنسان أن يخشى حريق المحنة وماء الفساد.
متى نضَبتْ الخيرات أو حدث ما يسمونه في العلم كارثة ؛ كانت النار ؛ ومتى أزدهرت الأعمال وعاش الإنسان في بحبوحة من الأرض كان الماء.
حذار من أن تحرقك النار ويفسدك الماء. وبالتالي كافح النار ، إذ عليك أن تقسو كإناء الخزف وأن تلقي في أتون النار ليشتد كيانك .
 الإناء الذي قسا لا يخشى الماء ، إن لم يشتد في النار فالماء يذّوبه ويصيره وحلا . لا تسرع إلي الماء بل روحْ إليه ، اعبر النار ، لكي تعبر الماء أيضاً .
حين لا تنفجر في النار ولا تغرق في الماء بل تسبح فوقه تصل إلي الراحة ؛ وبعد أن تجتاز النار والماء تقاد إلي مكان التبريد.
متى أراد الله أن يشدد ما قد كونه يبدو غاضباً عليك . فلا تخف لأنه لا يغضب لكي يهلك وهو أب. إن استبقاك ساعة تهينه كان أشد غضباً.
إن تجارب هذا العالم هي بمثابة عصيّ ، بيد من يصلح ، تجنيباً لقضاء العذاب.
العنب المدلي على الكرمة يبدو كاملاً ولا يشعر بالعصر ، إنما لا يسيل منه شيء . ولكن حين يلقي في المعصرة ويداس ويعصر يبدو وكأنه قد أهين ؛ بيد أن هذه الإهانة ليست عقيمة .
 زد على ذلك أنه لولا تلك المعاملة له لظلّ عقيماً. إن كنت حتى الآن لم تلقَ أي اضطهاد من أجل المسيح فلأنك لم تحيَا حتى الآن بالتقوى في المسيح .
 ولكن متى بدأت تعيش ، تدخل المعصرة حيث تستعد لأن تدوسك الأرجل . ولكن لا تكن جافاً مخافة ألاّ يخرج من المعصرة شيء.
لقد ولدت لكي تتحمل الضربات لأن ولادتك من آدم الذي حُقًّتْ له الضربات.
لا يجلد (يتألم) الخطاة غالباً في هذه الحياة أو قد يجلدون أقل ممل يلزم لأن إرادتهم قد سئمت . وبالنتيجة فإن أعدت لك الحياة الأبدية فمن الضروري أن تجلد ها هنا.
لأن الرأي التالي صحيح: (يا بنيّ لا ترذل تأديب الرب ولا تسأم توبيخه فإن الذي يحبه الربّ يؤدبه ويرتضي به كأب بابنه"أمثال11:3-12").
إن رذلت التأديب فلن تعطي الميراث لأنه من الضروري أن يؤدب كلّ ابن . لقد جلد الكل حتى الآن والذي لم يعرف الخطيئة جلد أيضاً.
أستعد لكي تأخذ نصيبك من الجلد ؛ وإلاّ لما كنت مقبولاً . أنه يجلد كل ابن يرتضيه ، فهل تعفي من ذلك؟ إن لم تتألم مع المجلودين فلن تحصى مع البنين. 
القديس اغسطينوس
عن كتاب "خواطر فيلسوف في الحياة الروحية"

4 سبتمبر 2013

مناجاة

ربي ، تنفتح أذناك على القلب ، لا على الفم ، أنهما تنفتحان على حياة من يسبحك لا على لسانه . أرنم بلساني لكي أنشط ، وبقلبي لكي أرضيك.
سآخذ مزماراً وقيثارة كيلا أسبحك بصوتي وحده بل بصوتي وأعمالي.
متى رنمت قدمت الخبز للجائع والكساء للفقير والمأوي للمسافر ورنمت يداى بنفس الوقت مع صوتي ثم ائتلفت أعمالي وأقوالي . أجعلني أحيا دوماً في الصلاح فأسبحك على الدوام ، وإذا فرض الصمت أحياناً على لساني ، فلتهتف حياتي ولتكن أذناك مصغيتين إلي صوت قلبي ، إن كانت أذنا الإنسان منفتحين لسماع صوتي فأذناك منفتحتان على قلبي.
لست أُعْني بصلاة اللسان وحسبُ بل أريد أن أسبحك بكل كياني : إليك أرفع نشيداً بصوتي وأخر بأعمالي وحياتي.
إذا بقي البكاء والحزن والتجربة فأني أرجو يوماً فيه تزول كلها فأسبحك بلا انقطاع. سوف ينقطع صوتي أمّا عاطفتي فلا تنقطع وسوف أظهر بمظهر الساكت إنما لن أصمت معك.
السقوط ، وأنا أسبحك افضل من القيام و انا اسبح ذاتي. إن تسبيحك غذاء لي ، وكلما ازددت لك تسبيحاً كلما ازددت قوةً . أجعلني أسبحك بلساني وعقلي وأعمالي الصالحة .
 طال ما أنك تخصني في كتبك على القيام بمثل هذا التسبيح فسوف أنشد لك نشيداً جديداً.  للإنسان الجديد نشيد جديد ، وللعتيق نشيد عتيق . إن أحببت الأرضيات أنشدتُ نشيداً عتيقاً .
أما إن أردت أن أنشد نشيداً جديداً فعليَّ أن أحب الأزليات. إن هذا الحب عينه جديد وأزلي : إنه دائم الجدّة ولن يشيخ إلي الأبد ، لقد عَتقت في الخطيئة فجددني بنعمتك.

القديس اغسطينوس

3 سبتمبر 2013

ان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون احرارا (يو8)

تعال يا رب و فك نفسي من سجنها
لقد سجنت نفسي في سجن الخطية
حررني لكي اصير بالحقيقة حرا
حرية العالم مزيفة
تعال و احمل عني همومي
تعال بنورك و اغمر به حياتي
فانا جالس في الظلمة و الظلمة قد اعمت عيناي

صلاة وقت التجارب للقديس اغسطينوس


ربي ، أدبني ولا تمنع عني رحمتك. 
أنا أعرف جيداً وعودك: لست أخشي التأديب إنما أخشي أن تحرمني من الميراث. 
وكيف أجد أنا الخاطئ جلدي غير لائق بي . 
ووحيدك يجلَد ولا ذنب عليه؟ أني أؤثر التعلّم من عصا الربّ على الهلاك تحت مداعبات الخاطف (عدو الخير). 
حين عولجت احترقت وتألمت وصرخت فلا تصغ إليَّ ، تلبيه لإرادتي. 
لقد هتف بولس طالباً منك أن تدفع عنه شوكة الجسد ، فلم تسمع له ، بل قلت: حسبُك نعمتي ، لآن الفضيلة تكتمل في الضعف. 
وطلب الشيطان أن يجرّب أيوب فأعطيته إياه وتمني الشياطين أن يدخلوا في الخنازير واستجبت لهم أنت تستجيب للشياطين ولا تستجيب للرسول. 
أنك تستجيب للشياطين أهلاكاً لهم ولا تستجيب لبولس حباً بخلاصه. 
أنا بكيت أمامك أيها الرب إلهي ولم تستجب لي . ما أحمقنى ! ولمَ بكيت؟ سعياً وراء السعادة الزمنية الأرضية. 
وهل علمت أن تلك السعادة التي تمنيتُها وطلبتها وبكيتُ في سبيلها قد تقودني إلي الهلاك؟ 
لم تستجبْ لي حين وجهت إليك ذاك السؤال المحرج لأن الحاجة تعلّمني والبحبوحة تفسدني. 
بين يديك ، ألقي بنفسي ؛ يا من تعرف أن تعطيني وتحرمني . لو أعطيتني ما سألتك في غير محله لغضبت علىّ بسببه . ضع على نفسي التجارب لأفزع إليك فلا تغويني الشهوات والطمأنينة.
غضبك ظاهر إنما هو غضب أب . ما أكثر الذين خافوا من التجارب فدخلوا بيتك وملأوه لأنهم بالإيمان عامرون. تحركني بالتجربة لكي تفرغ الإناء من الشر الذي يملأه وتملأه بالنعمة. 
بالرجاء أحيا قبل أن أملك . أنت تحضر لكي تمنعني من السقوط لأنك بهذا تعدني فتنهضني وتخفف من حدة آلامي.
أمين أنت يا رب ولا تسمح بأن أجربَّ فوق طاقتي ثم تضع للتجربة حداً لكي أتمكن من احتمالها . ألقني في أتون التجربة إلي أن يشتد الإناء ولا يتحطم. 
***

أشكرك يا ربّ ، يا من ضربت ظهري بقروح أدبك ثم ناديتني فأعدتني من الموت . أنك لا تترك الخطايا بلا عقاب ولذلك تجلدني تأديباً لي. 
إن جلدتني ، تأديباً لي ، أدركت أني تحت نير عصاك ، وباركتك لأنك تمزج مرارات هذه الحياة الزمنية بحلاوتها لئلا يعميني التمتع بتلك الملاذ ، فلا أعود أرغب في المسرّات الأبدية.
أنت يارب تنير ظلماتي حين تمزج عصي التأديب بخطاياي والمرارات بحلاواتي الكاذبة. 
ما أحسنك ! إن كففت عن مزج مرارات العالم بحلاوته نسيتك . فليغضب الخطاة ما شاءوا وما سمح لهم بذلك ، فأني لا أخاف شيئاً إن قويتني. 
سأتأمل بما تحملت لأجلي ، يا من لم تعرف الخطيئة . مهما كانت عذاباتي ، فليست شيئاً بالنسبة إلي تلك الإهانات وتلك الضربات وثوب العار وإكليل الشوك وأخيراً الصليب.
سأشرب من ذاك الكأس المرير لكي أشفي. 
سأشرب منه دون خوف لأنك شربت منه قبلي كي لا أخاف . شربت منه أنت دون أن تكون لك خطيئة ولا جرح للشفاء 
سأشربه حتى تزول مرارة هذا العالم وتقبل الحياة التي لا ريب فيها ، ولا غضب ، ولا فساد ولا مرارة ولا حمي ولا رياء ولا عداوة ولا شيخوخة ولا موت ولا قتال. 
التعب ها هنا باق حتى النهاية ، وعليه ، فسوف أعمل خوفاً من أصل إلي نهاية حياتي إن رفضت العمل ها هنا ، ولا أصل إلي نهاية عذاباتي. 

القديس اغسطينوس

محبة الاعداء


عدوك هو بمثابة مبضع الله الذي يشفيك ، إن رأي مفيداً انتزاع شيء منك سمح له بأن يهاجمك ويضربك انه وسيلة للاعتناء بك ، فأطلب له أيضا الشفاء.
إن أحببت عدوك أقام الله فيك وكملت محبته لك. باشر بالمحبة تصبح كاملاً.
إن باشرت بالمحبة بدأ الله يسكن فيك أحبّ ذاك الذي بدأ يسكن فيك لكي يصيرك كاملاً ، بسكناه فيك على وجه أكمل.
قال المسيح وهو على الصليب{أغفر لهم يا أبت لأنهم لا يدرون ما يفعلون)
أقتد بمعلمك ، بربك وإلهك ؛ وهل كثير عليك أن تقتدي به؟ لقد قدّم لك مثالاً لكي تعمل أنت مثله ولكن إن ظننت أنه كثير عليك أن تقتدي بسيدك فتأمل اسطفانوس.
كثير عليك أن تتطلع إلي الشمس ، لأن عينيك مريضتان ؛ فأنظر إلي القنديل.

صلاة:
" ربي لن أرد بالشتائم على من يشتمني بل سأصلي من أجله.
وإن شئت أن أقول له ما هو ضده لكلمتك أنت بشأنه.
عندك أتكلم ، وأتكلم صامتاً ، بشفاه مطبقة وقلب صارخ ، حيث لا يراني أحد سأكون طيباً معه.
وسيكون جوابي هادئاً لمن يرغب في الخصام ولا يحب السلام. سأقول له: "قل ما تشاء مهما أبغضتني وكرهتني فأنت لي أخ. فيك أعرف علاقة أبي... شرير أنت ولكنك أنت لي أخ."

القديس اغسطينوس

2 سبتمبر 2013

ثياب العرس

في سالف الايام عاش ملك، اراد ان يقيم وليمة عرس فاخرة لزواج ابنه، فدعا كبير مستشاريه، و بحث معه امر من يدعوهم لحضور الوليمة. فقال الملك له:
ماذا تظن نفعل ؟ لقد دعونا كل اهل البلد، و كلانا يعلم ان هناك قانونا يقضى بعدم مثول احد في حضرة الملك، ما لم يكن مرتديا الثياب الملائمة.
اجاب المستشار : هذا صحيح فمناسبة زواج ابن الملك مناسبة خاصة جدا. و على كل من يحضر ان يلبس افخر الثياب من القماش الملكي. و هذا القماش غالي جدا لا يقدر احد ان يشتريه.. و هنا دخل الامير، و سأل ما بالكما عابسين؟ فشرحا له الموقف. فقال لهما: يجب ان لا يحرم احد الحضور، و علينا ان نقدم ثوبا ملكيا لكل من يعجز عن الحصول عليه.
و بعد كثير من النقاش قرر الملك ان يدفع ثمن تلك الاثواب.
مستشار الملك: و لكن الثمن سيكون باهظا يا سيدي .. سيكلفك ..
الملك: ليست التكلفة مهمة فان رعايا المملكة سيعجزون عن حضور الوليمة. ابني على حق. لا يحرم احد من الحضور الا  اذا شاء هو!.
و بعد تجهيز الاثواب ارسل الملك رجاله يدعو الجميع!
الجميع مدعوون للحضور تعالوا ايها الاغنياء و الفقراء و العميان و العرج .. عرف الجميع بامر الثياب الملكية، و انها كلفت كثيرا، و ان الملك دفع لانه يحب شعبه، و لانه اراد ان يشركه شعبه فرحه.  قبل الكثيرون دعوة الملك في حين رفض الاخرون، لانهم مشغولون باعمال مختلفة.
اما نبيل و هو احد اغنياء المدينة، فقد بدأ يجهزنفسه لحضور الوليمة..
قال نبيل لخادمه: لا بد ان الملك سيظهر اعجابه بهذا الثوب الذى اقتنيه!
فرد الخادم: لكن الملك جهز ثيابا خاصة لكل المدعو ين!
هذا هراء هذا فقط لطبقات الفقيرة و لست في حاجة اليه!
انه اية في الجمال. لقد حاكه افضل خياطى المدينة. انه يلمع في النور، و تتخلل خيوط الذهب نسيج القماش.. و في خيلاء غادر المنزل الى القصر الملكى.
و عندما وصل القصر، قاده الخدام الى احد الغرف الجانبية ليعطوه الثوب الملكي و لكنه في كبرياء ازاحه جانبا، و رفض ما عرضه عليه الملك!
لا لست احتاج الى شئ و يقول له الخادم : و لكن يا سيدى انت لا تدرى اوامر المملكة، التى تقضى بان اى ثوب لا يصلح يجب ان..
و قاطعه نبيل: انا افهم هذا الذى البسه ليس اى رداء!
و استدار ليدخل البهو الرئيسي حيث المأدبة، وهو يقول: يا لحماقة الخادم ان الملك نفسه سوف يعجب بردائي! و لم يكمل افكاره، حتى صدمه ما رآه! لقد رأى كل المدعوين يلبسون ثيابا تشبه تماما الثوب الذى كان الملك يرتديه!...
قال نبيل: مستحيل...!!!
كأن الغرفة ليس بها الا ملوك و ملكات. و لكن ... كيف؟!!
و انطلق صوت الابواق. و عندها دخل الملك ليرحب بالمدعوين، قبل وصول الابن و عروسه، و ابتسم الملك برقة و هو يحي الحاضرين. و عندما التقت عيناه بنبيل توقف، و تغير وجهه.. صمتت الضحكات.. و ساد القاعة السكون للحظات...
ثم قال الملك بغضب: كيف جرؤت على الدخول دون ان تلبس ملابس العرس؟
و لم ينطق نبيل بكلمة و انعقد لسانه من الرعب و التفت الملك الى المكلف بالحراسة و قال قيد هذا و الق به الى الظلام خارج القصر.
نبيل يصرخ: الرحمة كنت اظن ان ثوبى كافيا.
واصدر الملك اوامره للحراس اذهبوا الى ارجاء المملكة و قيدوا ناكرى الجميل الذين رفضوا دعوتى لحضور العرس و القوا بهم في الظلمات.
الاثواب هى اثواب البر لكن ما معنى اثواب البر؟
===
هناك كثيرون يطلبون الله مثل نبيل و هم سعداء بعملهم الصالح و يظنون ان ظهورهم في حضرة الله بثيابهم الشخصية (اي بعملهم الصالح) يجعلهم يربحون رضا الله!
لكن علينا ان نلبس الثوب الممنوح لنا من الله. الذى يشبه ثوب الملك. لان الله لا يقبل ما هو دون مستوى بره - كما قال داود النبي "ليس من يعمل صلاحا ليس و لا واحد".