30 أبريل 2011

إرجعوا إلى الحصن يا أسرى الرجاء

"بدم عهدك قد أطلقت أسراك من الجب الذي ليس فيه ماء . إرجعوا إلى الحصن يا أسرى الرجاء"(زكريا9: 11)
كان الفلاحين اليهود يحفرون في الصخور جبًا ليمتلئ بما ء المطر وحين ينقطع المطر يصبح هذا الجب جافاً، وكان يتحول الجب عادة لمكان للهرب من الأعداء وقت الحروب، طبعًا في حالة جفاف هذا الجب . وكانوا يلقون في هذه الجباب المجرمين حتى يموتوا، وقد فعلوا هذا مع أرمياء النبي . وكأن النبي يرى الشعب هاربًا في هذه الجباب، وهذ ه الجباب تشير للجحيم الذي بلا ماء الحياة الأبدية، محكومًا على كل من فيه بالموت والهلاك، إلى أن أتى المسيح فخلص الأبرار من هذا الجب (الجحيم). ومن المعروف أنه قبل المسيح كان كلا الأبرار والأشرار يذهبون إلى الجحيم، لكن الأبرار كان لهم رجاء في الخلاص بالمسيح لذ لك يسميهم هنا أسرى الرجاء ( ١٢ ). وكان الشيطان يقبض على أرواح كل المنتقلين ويأخذهم للجحيم، أي يذهب بهم للجب فيكونوا أسرى إبليس .

بدم عهدك أطلقت أسراك = في العهد القديم كان الدم هو دم الذبائح الحيوانية، وهذا لم ينقذ أحد من الجحيم، ولكن في العهد الجديد فإن دم المسيح أطلقنا من أسر إبليس من الجب الذي ليس فيه ماء = لذلك طلب الغني من إبراهيم أن يرسل له لعازر لي بلل شفتيه بالما ء  
وفي ( ١٢ ) كانوا في الجب وذلك في العهد القديم لكن كان لهم رجاء فهم أسرى الرجاء، وهؤلاء أطلقهم المسيح . وهنا دعوة لهؤلاء المفديين أن يرجعوا إلى الحصن ومن هو الحصن الذي نلجأ إليه ونحتمي سوى المسيح.

من مذكرات الكاروز العظيم

ما امجدك ايها الناصري .. في بيتي الصغير صنعت الفصح.. لك المجد ايها المصلوب فقد حولت بيتي الى كنيسة و ارسلتني لاكرز.. اولا بين قومي و اهلي فجئت الى القيروان خاليا من كل شئ الا من الايمان.. و يالها من ايام مجيدة رأيت فيها كيف تتفتح القلوب للايمان الجديد .. لقد بهرتهم كلمات الناصري اكثرمما بهرهم عمل المعجزات..
و ها انا اتركهم الى حين للذهاب الى الاسكندرية.
------
و ترسو السفينة في ميناء الاسكندرية .. و ينزل الكارز مرقس الرسول لا يعرف له طريقا.. و لم يقف طويلا بل خرج على الفور الى عمله الذى جاء من اجله .. يطوف الدينة يتأملها و هي غارقة في جمال طبيعتها و عمارتها و غارقة ايضا في اوثانها و اثامها.. و كان يردد تلك العبارات التى سجلت فيما بعد فى القداس الذى وضعه (القداس الكيرلسي حاليا) و هى:
"عبادة الاوثان بالكمال اقتلعها من العالم.. الشيطان و كل جنوده اسحقهم سريعا تحت اقدامنا.."
و ظل يمشي حتى انقطعت سيور حذائه. لم يكن معه حذاء اخر كما اوصى المسيح رسله "لا يكون للواحد حذائين" فمال على الاسكافي ليصلحه و بينما يقوم بذلك واذا بالمخراز يدخل في يده فيصرخ من شدة الالم.. و من صرخة الالم تلك بدأ الكارز العظيم عمله .. ويقبل انيانوس و بيته الايمان.. ويرتفع الصليب!
و يهيج الشيطان و يلقي في قلوب اتباعه الرغبة في قتل الكاروز..
و يكتشف الشعب الخطر المحدق بكارزهم الشجاع فيتوسلون اليه ان يتركهم الى حين و يرضخ للامر و يترك الاسكندرية و بعد ان يرسم انيانوس اسقفا لها يعاونه 3 قسوس و 7 شمامسة..
و يغادر قاصدا الخمس مدن الغربية، يلتقي بالكنيسة التي كرز بها اولا .. و يفرح بالثمر المتكاثر و يلتقى و هو في القيروان دعوة من صديقه القديم بولس الرسول فيذهب اليه في روما، يعاونه الى الى اللحظات الاخيرة قبيل استشهاده..
و في عام 68م و على وجه التحديد يوم 29 برموده يهجم الوثنيون على الكنيسة و يقبضون على القديس و يجرونه في شوارع لاسكندرية .. و بينما كانت اشلاء جسده كان يردد:
"اقتننا لك يا الله مخلصنا.. عبادة الاوثان بالكمال اقتلعها من العالم.. قم ايها الرب الاله و ليتبدد من امام وجهك جميع اعداءك.. 
===
" يا مرمرقس الرسول و الانجيلي الشاهد لالام الاله الوحيد.. اخرجتنا من الظلمة الى النور الحقيقي و اطعمتنا خبز الحياة الذى نزل من السماء.. السلام لك ايها الشهيد السلام للانجيلي، السلام للرسول مارمرقس ناظر الاله" (ذكصولوجية مارمرقس)

20 أبريل 2011

ايدى ملطخة بالدم


سأصف لكم بعض الافراد هناك في الجحيم. ساخبركم عن النهر الاسود نهر الاكاذيب. لقد جلست يوما على شاطئه. كنت افكر في الماضي الاسود، و المستقبل الاشد سوادا. و جرت مياه النهر النهر العكرة بثقل.
وفجأة رنت تأوهات قطعت السكوت المحيط بي.
بغتني منظر شخص غريب يعمل شئ اغرب. كان رجلا ذا هيئة خلابة بل بادي الجمال، و لكن في حالة يرثى لها. جلس الى النهر يغسل يديه اللتين تقطران دما.
ورغم الغسيل المتوالى عجز عن ازالة اللون الاحمر المخيف من بين اصابعه. بمجرد ان يرفع يديه من الماء يقطر الدم القاني منهما ثانية. انه منظر يستدر الشفقة.
يبدو انه شعر بوجودي لانه استدار نحوي فجأة قائلا: "ما هو الحق؟" لم اجبه في الحال لأنه سؤال لا يستحب الرد عليه بخفة..
لكنه رفع صوته و كرر بضجر "ما هو الحق؟"
اجبته "الحق؟ الحق المحزن هو ان الوقت قد فات للسؤال عن الحق"
لم تعجبه الاجابة فهز رأسه و اشاح عني و جلس ليغسل يديه من جديد .
تركته. علمت من هو من الحلة الارجوانية التى يرتديها و الخاتم الذى في اصبعه - انه بيلاطس البنطي!
انه يقضي الوقت في غسل يديه، و يسأل كل عابر نفس السؤال الذى سأله من قبل للمسيح "ما هو الحق؟"(يو18: 38). و لم ينتظر اجابته من فم المخلص! انه يسأل ثم يهز رأسه لكل اجابة. انه لا يرغب ان يعرف الحقائق ..
و يا لها من مفارقة مؤلمة. بيلاطس البنطي يسأل عن الحق بينما يغسل يديه في نهر الاكاذيب.
منقولة من http://dying-flame.blogspot.com

اياك و هذا البار



ان امرأتي كثيرة الاحلام .. قد حدثتني عنه مرات قبل ان احضروه الى و لكننى لم اهتم للامر .
كنت جالسا في سرادقي، فمشى الي بخطوات ثابتة ثم وقف منتصبا و ظل رأسه مرتفعا.
انني لا استطيع ان اتصور ما الذى نزل علي في هذه اللحظة، و لكنني شعرت فجأة برغبة خفية تدفعنى للنهوض من سرادقي و السجود امامه.
نعم قد شعرت كما لو ان القيصر نفسه دخل دارى، لان الواقف امامي كان اعظم من روما نفسها.
و لكن هذا الشعور لم يبق فى قلبي غير لحظة واحدة، و للحال رأيت امامىرجلا بسيطا تتهمه امته بالخيانة.
سألته عن امره فلم يجب و لكنه نظر الي و كان في نظرته كثير من الشفقة كأنما هوالحاكم و القاضي علي.
لم اشعر برأفة عليه لانه كان فوق رأفتي.
فسألته: هل انت ملك اليهود؟
و لكنه لم  يقل كلمة.
فسألته ثانية: الم تقل انك ملك اليهود؟
فنظر الى و اجابني بصوت هادئ.. لهذا قد جئت لأشهد للحق.
تأملوا رجلا يتكلم عن الحق في مثل هذا الموقف.
..
خرجت ووقفت على درجات القصر و عندما رآه الشعب تعالى صراخهم كالرعد القاصف، و لم اسمع من زعاقهم غير هذه الكلمات: اصلبه اصلبه.
فأسلمته الى الكهنة و قلت لهم افعلوا به ما شئتم. و امرت ان يكتب على الصليب "يسوع الناصري ملك اليهود" و كان الاجدر بي ان اقول "يسوع الناصري الملك".
و بعد ذلك بقليل تركت انا و امرأتي فلسطين، .. و قد اخبروني عن امرأتي انها تتكلم كثيرا عن يسوع لنساء روما. فتأملوا كيف ان الرجل الذى امرت بموته يرجع من عالم الاشباح و يدخل الى بيتي.
و انا مازلت اسأل في اعماقي: ماهو الحق. 
(عن كتاب: يسوع بن الانسان - جبران خليل جبران) 
-----------
إن الله إرسل تحذيره إلى بيلاطس عن طريق زوجته... إن صوتها هو الصوت الرقيق العطوف الذي شاءت عناية الله أن يرن في جوانب نفسه الموحشة القلقة عساه أن يدفع عنه ما يوشك أن يفعل، والمصير الذي يخشى أن يتجه إليه، إنه ذلك التوازن الذي يحدثه الله في حياتنا حتى لا تطغي علينا قوى الشر، إنه ذلك الملاك الذي يوقفه الله إلى جانبنا في الوقت الذي يقف فيه الشيطان إلى الجانب الآخر لينتهره قائلا "لينتهرك الرب يا شيطان" (زك3).
نحن لا نعلم ماذا رأت المرأة في حلمها؟ وماذا آلمها؟ أيرجع الأمر إلى أنها رأت كما يظن البعض مأساة الصليب قبل أن تتم بصورتها المفزعة الرهيبة فلم تتحمل المنظر؟ قد يكون هذا... 

18 أبريل 2011

و صلبوه هناك




كان اهم يوم في اسرائيل هو يوم الكفارة العظيم، يتمنطق من هامة رأسه الى باطن قدمه بثوب من الكتان الابيض الناصع، ثم يحمل بيده اناء به دم الذبيحة و يتقدم بارتعاد و رهبة مقدسة، و يزيح الحجاب لكي يقترب في اتضاع و خشوع الى عرش النعمة و يرش دم الكفارة، ليخرج بعد ذلك الى الشعب ليعلن باسم الرب الرحمة و الغفران لكل نفس تائبة.
اين نحن الان اننا نقف على قمة جبل الجلجثة –اسم رهيب – هناك فقط يعتلي العدل عرشه و في يديه ميزان و سيف. هذه البقعة المليئة بالاهوال تتحول الى "الجبل الذى يأتيمنه العون".  
هو قبلة الارض كلها فهو مكان التقاء كل المفديين. على هذا الجبل تختم حياة رب المجد على الارض تأملوه وهو الشجرة الخضراء الوحيدة بين جميع اشجار الارض و الوحيدة المثمرة و ذات الثمر الجيد و هى تقطع بهذه الصورة.
و يقدمون له اولا مشربا مسكرا و هو مزيج من خمر و مر كما جرت العادة قبل الاعدام لكن الرب يرفض ان يشرب لأنه يريد ان يخضع لارادة ابيه السماوي و هو في كامل وعيه. يسوع الذي يتسربل بالنعمة و البهاء و يترصع طرف ردائه بنجوم السماء يقف الان لا يغطيه شئ سوى دمه القاني. انظروا المسامير و هي تغوص فتتدفق دماء القدوس .. لقد شقت هذه المسامير صخرة خلاصنا ففاضت بماء الحياة. اجل لقد ثقبت الصك الذى كان ضدا لنا مسمرة اياه بالصليب. و عندما نفذت في جسد البار دخلت ايضا في رأس الحية القديمة، فلا يتعثر احد من جهة ذاك الذى سمر بالصليب! فتلك اليدان يمكنهما ان تبارك كما لو كانت بغير قيود. انهما يدا مهندس بارع يضع تصميم كنيسة ابدية انهما يد جبار يستطيع ان يأخذ الاسلاب من القوي.. كما ان هاتين القدمين الداميتين تدوسان بعز و اقتدار كما لو كانتا بغير اغلال تربطهما.
و يصعد اسد يهوذا الى حيث الارواح التي لها سلطان الهواء و في صراع غير منظور يحررهم الى الابد لاجلنا.. هناك يقف الصليب بأسراره العميقة كصخرة تتكسر عليها امواج اللعنة.

17 أبريل 2011

يسوع يغسل ارجل تلاميذه



نقرأ قول البشير "اذ كان قد احب خاصته الذين في العالم احبهم الى المنتهى" اولئك الذين اعطاه الاب اعزاء على قلبه لذلك كان دمه رخيصا في عينيه فقدمه ثمنا لخلاصهم.
يقوم الرب عن العشاء و ترى لماذا؟
هل لكى يتراءى في جلاله او يكشف عن بهاء مجده الابدي؟
هل ليأمر تلاميذه ان يحنوا ركبهم في التراب امامه؟
كلا. و لكن الرب ينوى ان يفعل امرا مختلفا. ينحنى على اقدام تلاميذه ثم يشرع في غسلها الواحد تلو الواحد.. انه لم يعد يعرف تابعيه "حسب الجسد" فهو يرى فيهم اولئك الذين اعطاه الاب اياهم الذين احبهم الله حتى بذل ابنه الوحيد لاجلهم. موضوع اهتمام الرحمة الابدية والمشورة الازلية. و فوق ذلك كله كانوا معقد اماله فهم عروسه الروحية  المتسربلة بالشمس. و ها هو يراهم يمثلون امامه في الرداء الملوكي الذى هو بره الشخصي.

كم من المعاني العميقة التي ينطوي عليها هذا العمل ! فقد جاء تفسيرا قويا للكلمات التي نطق بها "ابن الانسان لم يأت ليخدَم بل ليخدم"
التلاميذ يقفون بلا حراك مأخذوين من الدهشة و ظهر عليهم الخجل اذ كانوا يتنازعون فيما بينهم ترى من هو الاعظم عندئذ شعروا بالاتضاع و احسوا بالمحبة و اللطف يعم كيانهم و بشعور من الدهشة و السرور تركوا سيدهم يفعل ما يسره ان يفعله بهم.. حتى جاء دور بطرس الذى اظهر اعتراضه .. و مهما يكن نبل الشعور الذى وجد في نفس بطرس، لكنه كان من وجهة نظر اخرى خاطئاً.
لقد ظن سمعان انه من الانسب ان يغسل هو قدمي سيده، نعم فاياك ان تنسى ان تفعل ذلك، بأن تغسلهما بدموع التوبة و لكن من الجانب الاخر دعه يغسلك و يطهرك و الا فكيف تنجو من الهلاك؟
يقول يسوع لبطرس: "لست تفهم انت الان ما انا اصنع، ولكنك ستفهم فيما بعد". الا تكفي هذه الملاحظة التي ابداها الرب ؟ كلا بل على النقيض يظن سمعان انه من الواجب ان يصون كرامة سيده، فيصيح بلهجة الاصرار "لن تغسل رجلي ابدا". لقد فات بطرس ان الطاعة افضل من الذبيحة. فان كنت تريد ان تكرم يسوع فليكن ذلك بخضوعك لكلمته.
"ان كنت لا اغسلك فليس لك معى نصيب" يا له من اعلان له اهميته. فالمعنى العميق للعمل الذى قام به الرب يشع من هذه الكلمات، لما فيها من اشارة لدم الفداء و الغفران و التبرير و التطهير من الخطية.
"ان كنت لا اغسلك".
نعم انت ايها الرب يسوع الذى تفعل هذا، لانه من استطاع ان يطهر نفسه من الخطية؟
نعم ينبغي ان تغسلنا لان التعليم و التهذيب ليس بكاف.

12 أبريل 2011

المسيح امام بيلاطس


اشرق الصباح و طلع نهار يوم من اخطر الايام الحافلة بالاحداث الحاسمة في تاريخ العالم. انه رئيس السلام الذى يوثقونه هكذا كمجرم، و هؤلاء الجنود الذين يحيطون به بسيوفهم و حرابهم، هم فقط قليل من كثير، اذ كانت هناك قوة اخرى خلف المنظور بقيادة الشيطان..
و يصل الموكب الى دار الولاية. و يمسكون باسيرهم و يدفعونه بوقاحة الى الداخل. "ولم يدخلوا هم الى دار الولاية لئلا يتنجسوا فيأكلوا الفصح". لقد اطاعوا فرائض معلميهم التى ابتدعوها من وحيهم الخاص، و التي كانت تقرر ان دخول بيت فيه مختمر ينجسهم.. 

و بكرم اخلاق مصطنع يخرج اليهم بيلاطس ليستفسر عن سبب مجيئهم و يسألهم" اية شكاية تقدمون على هذاالانسان" و لم يكن جوابهميتفق مع العقل السليم "لو لم يكن فاعل شر لما كنا قد سلمناه اليك"و لا يجب ان يفوتنا ان نعرف انهم ارادوا ان يخفوا اضطرابهم و حيرتهم فلم يكن لديهم شئ يمكنهم ان يقدموا تهمة مدعمة بالادلة ضد اسيرهم.
و يترك بيلاطس لهم الفرصة ان يريعوه بنظراتهم المتجهمة. و بذلك يخطو الخطوة الاولى فى ذلك الطريق الزلق، الذى سنراه فيه محمولا ليرتكب جريمة تلو الاخرى ضد رادته، ليصل في النهاية الى وهدة الهلاك الابدي.
"فقال لهم بيلاطس خذوه انتم و احكموا عليه حسب ناموسكم". يا له من مسلك مشين من قاض وظيفته ان ينفذ القانون و يقر العدالة في الارض! يود الوالى ان يتنصل من الاشتراك في جريمة قتل القدوس. و لكنه لا ينجح، فعليه اما ان يعلن براءته جهرا، او يقف ضده. اما ان يقف في جانب القدوس، اوان يعلن قبوله و اقراره لابشع جريمة دموية. و هكذا الحال معنا، فما اقصر الفرصة التي امامنا لنحدد موقفنا، كما كان الحال مع بيلاطس. ان يسوع يشهد لضمائرنا انه الرب، ليس لنعبر عنه في هدوء بمجرد تحية عابرة و انما لنقبله ربا و مخلصا..

انه امر مفجع ان نرى الظروف تتلاقي معا ليظهر و كأن بيلاطس كانت قدماه تجر ليكون شريكا لليهود في جريمتهم و هذه نتيجة حتمية طالما انه لا يستطيع ان يصمم ان يعطي قلبه و يقدم السجود ليسوع مثل كل انسان يقاوم في عناد دعوة الله للخلاص فيملأ مكيال خطاياه.

نهاية الخائن



يجد يهوذا نفسه في موقف مرعب و قد ولت عنه الفكرة الوهمية التي كان يهدئ بها ضميره وهى، ان يسوع صانع المعجزات في امكانه ان ينجي نفسه منايدى اعدائه.
انظروا اليه و هو يهرول مسرعا مثقلا بحزن شديد. فالسماء قد تخلت عنه. و يندفع التعس نحو الهيكل، و هو يريد ان يتخلص من اجرةالخطية الملعونة. و يقول لرؤساء الكهنة في غضب و غيظ شديدين "اخطأت اذ اسلمت دما بريئا". و يهوذا هنا يقدم لنا مثلا مخيفا ان الانسان قد يلجأ بكل وسيلة ليحرر نفسه من لعنة الخطية. و مع ذلك لا ينجح لان يسوع ليس من نصيبه، و لا هو من خاصة يسوع.
لقد اتم العمل البشع و هو يعترف بجريمته. و يفضل ان يحتمل العار و الخزى من ان يبقى ثمن الدماء عالقا بيده. و هل يطلب من الخاطئ ان يفعل اكثر مما فعل هو؟! و مع ذلك ظلت الخطية لاصقة به. و لم يزل قيد الشيطان لم يتحطم، و ارتعاده كان بلاجدوى، وهكذا كان ندمه و اعترافه غير كاف، ان يطهره من الخطية و يهلك يهوذا بصورة مخيفة، لماذا؟
هل لان خطاياه زادت عن مقدرة الغفران الالهى؟ هل لانه كان سارقا و منافقا؟ فهكذا كان اللص على الصليب بل و اكثر منه. و مع ذلك وجد اللص الطريق الى الفردوس. هل لانه خان السيد هكذا فعل الكثيرون و خلصوا. هل لانه شنق نفسه؟ حتى لو لم يفعل ذلك و قضى بقية حياته في محاولات صادقة لاصلاح نفسه. لكان ايضا قد هلك،؟ لسبب واحد انه لم يكن تحت دم يسوع المسيح.
هنا نرى بوضوح كيف تسخر الخطية من كل محاولات بشرية للتخلص من دينونتها. فلا الندم يحرر منها، و لا العهود الصادقة تستطيع ان تضع نهاية لها. و لكنها تبقى تتحدى كل المحاولات، و بعد ان تحول الحياة الى مرارة. تنقل اسراها الى ليل الموت الابدي و تسلمهم للهلاك.
يظن يهوذا انه يستطيع ان يتخلص من حمله المخيف، عندما يعيد الـ 30 من فضة. و لكن عبثا يستطيع ان يصفي الحساب مع الخطية بهذه الطريقة. و اخيرا يستسلم لليأس، و يلقى بنفسه فى احضان الموت، و لكن حتى هذا لا يستطيع ان يريح النفس من سلطان ابليس.
فمن استطاع اذا ان يكسر نير ابليس و ينتصر عليه؟ انه ذاك الذى من منظره تملك الرعب قلب يهوذا بدلا من ان يفرح باجرة تسليمه.
ان ابن الهلاك قد هلك لانه- في كبرياء قلبه- لم يرض ان يلق بنفسه بصبر و ايمان بين يدى سيده الذى سلمه. و لو فعل ذلك لكان يسوع قد اتى به بكل تأكيد الى مرفأ السلام الابدى.
و لو ان يهوذا بكل تواضع و شجاعة، قد حول وجهه الى يسوع بعينين دامعتين. لكان قد ظفر بنظرة الرحمة الغافرة. فلن تعجز النعمة امام انسان و لو كانت خطيته "حمراء كالقرمز". فدم الفداء يكفي لتبييضها..
و ينفصم الحبل الذى شنق التعس نفسه به. و الشجرة التي اختارها لتكون مقصلة، تختم عليه حياته تنفضه عنها في فزع. فيهوى المسكين الى الارض و ينشق من الوسطو تنسكب احشاؤه كلها.
اما هذا الحقل الذى اقتناه باجرة الاثم، فقد اطلق عليه "حقل الدم". و بذلك جعل تذكارا للتلميذ الهالك، لينادى للعابرين بهذه الكلمات: "كل من داس دم ابن الله لا تبقى له بعد ذبيحةعن الخطية؟
ليت كل انسان اخذ في زلة، يسرع الى عرش النعمة بلا تأخر. و ليت كل انسان احس بسطوة الخطية، ان لا يكف عن الصلاة و السهر، حتى تنكسر شوكتها برحمة ذاك الذى سحق رأس الحية.

المسيح امام السنهدريم



الفجر يرسل خيوطه الفضية معلنا يوم من اخطر الايام، و اهمها انه يوم الجمعة العظيمة. و رغم انها ساعة مبكرة لكن اعضاء مجلس السنهدريم مستيقظون وفي نشاط تام. و يقف الرب امامهم كمتهم و يعود القاضي يسأله مرة اخرى "هل انت المسيح؟". وكأنه لم يصرح لهم منذ قليل انه هو، و لكن يبدو انهم مترددون ان يسلموه للموت كمضل ومجدف، بدون توفر ادلة اخرى.
 و يفتح الرب فاه، و لنلاحظ كيف يتغير الوضع، و يصبح المتهم قاضيا و القضاة مذنبين. يقول الرب "ان قلت لكم لا تصدقون و ان سألت لاتجيبونني ولا تطلقوننى".
و ما اكثر الناس الذين ينطبق عليهم هذا القول. اعني الذين يظهرون دائما انهم يريدون ان يعرفوا من هوالمسيح! و انهم لن يستريحوا حتى يقتنعوا، و لكنهم لا يريدون ان يؤمنوا. و السر في هذا، انهم يخافون ان يطلب اليهم ان يتخلوا عن امجاد العالم و شهواته. فلا يزال ماثلا امامنا القول الذى قاله البشير عن امثالهم. انه "آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَيْضًا، غَيْرَ أَنَّهُمْ لِسَبَبِ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِهِ، لِئَلاَّ يَصِيرُوا خَارِجَ الْمَجْمَعِ، ‏لأَنَّهُمْ أَحَبُّوا مَجْدَ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ مَجْدِ اللهِ."(يو12: 43). لا يزال الضمير يشتكي ضدهم لكى لا يتركوه. و لكن ليس لديهم الجرأة للاعتراف بالحق. و من ثم يتركون الامر معلقا دون ان يتخذوا قرارا حاسما.
و يجدد الرب تصريحه بقوله "من الان يكون ابن الانسان جالسا عن يمين قوة الله"
ان اعضاء السنهدريم بما لديهم من خبرة بلغة الانبياء اخذوا كلمات الرب بهذا المعنى فصرخوا جميعا بصوت واحد "افانت ابن الله" فاجابهم بكل احساس بالعظمة و الجلال الالهي "انتمتقولون اني انا هو"
و نهض المجلس في هياج و سخط و هم يصيحون "ما حاجتنا بعد الى شهود لاننا قد سمعنا من فمه". هذا حق لقد سمعوها من فمه، و قد تسجل اعترافهم هذا في السماء. و لابد ان يشهد ضدهم يوم الدينونة الرهيب..
كم هو مفجع ان نرى هاتين اليدين اللتين لم يستخدمهما الا في صنع الرحمة، تقيدان بالسلاسل و كأنهما يدا مجرم. و لكن شكرا لله لانه حجز صواعق غضبه عن ان تنقض لتهلك الاشرار الفجار عندما

تنبأ لنا ايها المسيح




صدر الحكم على يسوع بالموت، ثم رفعت الجلسة لوقت قصير، في اثناءها اسلم القدوس البار، الى مجموعة من الجنود الذين امعنوا في اهانته.. وقبل ان نقترب من المشهد المضطرب، في فناء دار رئيس الكهنة، دعونى اذكركم بشخصية هذا الذى عاملوه بهذه الصورة المهينة، ولوكان الشخص الذى امامنا مجرد انسان فاننا حتى ننتفض، من هول هذا التعذيب الذى لا يتفق مع كرامة الانسان. 
 
انه وجه المحبة الالهية الذى يبصقون عليه .. قد يبدو الان قصبة مرضوضة ودودة وطأتها الاقدام. لكنه لا يزال يتمنطق بالعز والاقتدار الالهي. لم ينثلم سيفه، ولم تنكسر قوس قوته، و لكنه لا يستخدم قوته في الدفاع عن نفسه.. يصفعونه على وجهه، ولا حتى هذا يروى عطشهم للانتقام .. وجهوا اليه امر سهام السخرية، و هي المتعلقة بكونه هوالمسيا، و خاصة من جهة وظيفته كنبي، فعصبوا عينيه و اخذوا يلطمونه قائلين: " تنبأ لنا ايها المسيح من ضربك".
سأترك الستار ينسدل فوق هذا المشهد. "فمن يستطيع ان يحتمل التامل في هذا المنظر؟ و ان كان بيننا كثيرون ممن يقولون: "من هو يسوع حتى نخشاه او نتذلل امامه؟ لكنه عندما يجيب عليهم مرة، فسيطلبون من الصخور ان تسقط عليهم، و التلال ان تغطيهم، لكي يختفوا من وجه الجالس على العرش. و ليعلموا بالحرى انه خير لهم ان يقبلوا الابن، لئلا يغضب فيبيدوا من الطريق، لانه عن قليل يتقد غضبه"
"تنبأ لنا ايها المسيح". ان المستهزئين لم يتلقوا جوابا عن هذا السؤال. فليت اولئك الذين يفتشون عن الخلاص باهتمام ان يسألوا باتضاع، و لن يمضي وقت طويل، حتى تأتيهم رسالة من النعمة، هذا مضمونها: "يد الاب التي ضربتني كانت ستسحقكم، و اللعنة التى وقعت على كانت مقدرة لكم. و قد شربت كاس الغضب، التى ملأتها خطاياكم. لتملأ لكم من جديد بالرحمة الابدية. "لانه جعل الذى لم يعرف خطية خطية لاجلنا". و ان "المسيح افتدانا من لعنة الناموس اذ صار لعنة لاجلنا".
أليس عجيبا انه قد ترك معذبيه يمضون في سبيلهم دون عقاب ؟ و لكننا نعلم ان ما وقع عليه من الآم كان ضربات السيف، التي قال عنها الرب ‏"اِسْتَيْقِظْ يَا سَيْفُ عَلَى رَاعِيَّ، وَعَلَى رَجُلِ رِفْقَتِي، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ. اِضْرِبِ الرَّاعِيَ فَتَتَشَتَّتَ الْغَنَمُ، وَأَرُدُّ يَدِي عَلَى الصِّغَارِ.(زك13: 7).  هذا هو الحل لهذا اللغز العظيم و الجواب السليم عن السؤال "من ضربك ايها المسيح؟".

صيحة الديك




ما ان وصل القدوس المتألم الى الفناء الخارجي حتى سمع صياح الديك، "فالتفت الرب" وكلنا نعلم لمن كانت هذه الالتفاتة، لقد اعلن ها الصوت سقوط تلميذه، فاتجهت عينه و قلبه المتدفق نحو التلميذ، .. ان امواج الحزن تطمو فوق رأسه الان ، لكنه يتجاهل كل شئ بسبب مشغوليته و اهتمامه بالتلميذ الساقط! فطوباكم يا من انتم ضعفاء في قطيعه فقراء و محتاجين اكثر من غيركم! فعلى ما يبدو انكم اقرب الى قلبه من الاخرين.
كان بطرس غارقا في حمأة ضعفه و انكاره ومع ذلك فقد التفت الرب اليه، و من منا كان سيهتم بشخص كهذا وصل الى هذه الدرجة كجندى هارب من الخدمة؟! ما اسرع ما نلوم الاخوة المتعثرين و دون ان نسعى الى ردهم، نعاملهم بقسوة فينغمسون في الوحل اكثر. 

قولوا لي ايها الاباء هل اولادكم المخطئون فقدوا بنويهم بسبب انحرافهم ؟ 
الا تزداد محبتكم لهم بازدياد الخطر الذي يتعرضون له فتحسون بان حياتكم ترتبط بحياتهم اكثر مما لو سببوا لكم الفرح؟
لم تكن هى صيحة الديك التى ايقظت التلميذ من غفلته و لكنه امر اخر اقوى " فالتفت الرب و نظر الى بطرس"، و يا لها من نظرة بما فيها من تعبير عن حزن و محبة الرب ، و كيف اصطحبت تأثير الروح و نعمة الله! لقد عملت كسيف يجرح و بلسم يشفي، و اصابت كصاعقة مدمرة ثم انبسطت كندى منعش، فلم تكد عينا التلميذ تلتقيان بعيني سيده حتى ذاب القيد الداخلي الذى ربطه العدو به، احس بخطيته و ذاب قلبه. انكسر الفخ و انفلت العصفور .. ويحي انا الانسان الشقي الم يحذرني الرب الم اتعهد ان امضى معه الى السجن و الى الموت كيف اكون اول الكل في الانكار و الجحود!"
لابد ان تكون هذه كلمات بطرس عندما "تذكر كلام الرب الذى قاله له". لولا ان محبة المخلص المشفقة قد منعت ابليس من ان يغربل التلميذ المسكين بقسوة، لكان قد صار فريسة لليأس..
صار بطرس يبكى بمرارة.. كانت دموعه تعلن ميلاد انسان جديد.
لم ينس بطرس قط حادث انكاره، لكنه ايضا ارهف بصيرته الروحية لادراك اسرار الصليب و هذا واضح بجلاء في رسالته الاولى اذ يكتب معزيا المؤمنين باليقين المفرح انهم "بقوة الله محروسون بايمان للخلاص" . و يحثهم ان "يلقوا رجاءهم بالتمام على النعمة التي يؤتى بها اليهم". و يذكرهم مشددا بضعف كل ما هو بشرى "كل جسد عشب و كل مجد انسان كزهر عشب، العشب يبس و زهره سقط" و بغيرة تدل على انه قد اختبر عمق قوته للشفاء، فيقدم لنا التحذير "اصحوا و اسهروا لان ابليس خصمكم كاسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه"، و عندما يقتبس من المزمور قوله "لان عيني الرب على الابرار و انيه الى طلبتهم.." الا يظهر من ذلك انه يقصد ان يشير الى تلك النظرة.

سكب الطيب


قبل الصلب باربعة ايام حل الرب ضيفا في بيت سمعان الابرص وما ان جلس على المائدة حتى اقتربت منه مريم تريد ان تفصح له عما تحمله له في قلبها من احترام و تقدير و ان تعبر عن عواطف ارتباطها المقدس به.
و لكن كيف لها ذلك ؟! فالكلمات تبدو عاجزة تماما، كل ما تملكه كان قارورة طيب. و اذا بها تحضره معها، و هى لا تنوى ان تسكب منه فقط بضع قطرات. و لكن ان يكون كله عربون تكريسها العميق لملك المجد.
 
و تأتى من ورائه و تكسر القارورة و تسكب ما فيها على رأس المخلص و على قدميه. "فامتلأ البيت من رائحة الطيب" لقد تأثر كل ضيوف بيت عنيا بالعمل الذى قامت به مريم، ماعدا شخصا واحدا بدت له هذه الموسيقى الجميلة كأصوات مزعجة، حتى انه اشمئز من رائحة الطيب الفيحاء. و لم يكن هذا الشخص سوى يهوذا التعس ابن الظلمة .
ربما لم تحدث قط مفارقة مثل هذه، عندما وقفت محبة الذات مقابل الحب الدافئ المقدس، كما نراها في هذه الكلمات التى نطق بها "ماهذا الاتلاف؟ لماذا لم يبع هذا الطيب بـ 300 دينار و يعطى للفقراء؟".
لكن انظروا كيف يقدر الرب عمل مريم. فهو ينبري سريعا ليدافع عنها ضد يهوذا، وضد التأثير السئ الذى عكسته روحه  المعتمة على نفوس التلاميذ.
انه هو الذى يضع المعايير لاعمال الناس يعتبر ان ما عملته مريم كان حسنا. "عملا حسنا عملت بي لأن الفقراء معكم في كل حين".. كانت كلمات الرب كسهم نفذ الى قلب يهوذا. فكان يعني بها ان مريم لن تقصر في اظهار العطف عليهم. ".
و يكمل الرب كلامه قائلا: "و اما انا فلست معكم في كل حين". فيا من لم تقبلوا المخلص بعد! ضعوا هذا في قلوبكم. ان يسوع لن يكون معكم بعد ان يكون الموت قد نشر اجنحته السوداء فوقكم، و بعد ان تكون حواسكم قد فارقتكم تحت وطأة المرض. انه لن يكون معكم بعد ان يكون الله القاضي العادل قد سلمكم في النهاية لافكار الضلال! لتجد لها مستقرا دائما في اذهانكم، لانكم قد قسيتم قلوبكم زمانا طويلا، امام نداءاته لكم بالتوبة. فاهرب اذا ايها الحبيب من الغضب الاتي و لا تدع امرا يعطلك عن الاسراع للمخلص المبارك.

العشاء الاخير



تناول يسوع و تلاميذه خروف الفصح و جاءت الساعة التى يترنمون فيها بمزمور الشكر. و بدلا من ذلك، اذا بالسيد ينهض من مكانه ليبدأ عملا جديدا، و يأخذ خبزا و يكسره و بعد ان يقدم الشكر يوزعه على التلاميذ .. دعونا نتأمل فيما عمله الرب.
الخبز اهم وسائل التغذية نتاج اثمن ثمار الارض و صورة حية لذاك الذى بدونه ليست لنا حياة
بعد ان اخذ الخبز رفع عينيه الى السماء "وشكر". و لكن ما هو سبب الشكر ؟ ليس لشئ سوى لتصميم المراحم الالهية على خلاص الخطاة المساكين. كان شكره لاجل خلاص نسل ادم من لعنة الناموس ومن سلطان الشيطان و من وهدة الهلاك الابدي.
و لم يشكر فحسب انه بارك ايضا و لماذا؟ هل لكي يخصص هذه الاشياء و يفرزها من الاستعمال العادي و الدنيوي، لتكون لغرض اسمى، روحى و مقدس؟ بلا شك كان هذا في فكره. و لكن يسوع الكاهن الاعظم، عندما يبارك، فيجب ان نتوقع تأثيرا واضحا. 

فيا لفيض غنى البركات العظمى التي استقرت على الخبز و الخمر نتيجة لبركة الرب. ومن ذلك الحين كم من البشر قد تقووا من ضعف، و انتعشت ارواحهم، وتشجعت نفوسهم. و كم من قلوب جريحة قد نالت البرء، و كم من نفوس افاقت من خوارها ..
و بعد ان شكر و بارك "كسر". و هذا له معناه العميق، كما يعلن بقوله "هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم" . كان هذا اشارة لما يحدث سريعا لجسده الذى به قد صار لنا الفداء. وعندما كسر الخبز، صور موته امام انظار التلاميذ ..
و عندما قدس الكأس دعاها دمه .. ان الكأس تذكرنا بمعصرة خمرة العذاب و الالم، التي كان ابن الله سيخوضها. ليتنا نقدر هذا السخاء العظيم، فنكرر من اقترابنا التعبدي للمائدة المقدسة، لاجل تقديس انساننا الداخلي. و لنحرص ان نقترب في بساطة الاطفال و انكسار الروح. و عندئذ سنشعر في نفوسنا بضرورة تقديم تشكرات القلب، لذاك الذي اشترانا بدمه. و قد عقدنا العزم ان نعيش و نموت لمجده.


4 أبريل 2011

مراحل درب الصليب

  
كل الأحداث من اول العشاء السرى الى الموت على الصليب. عرض شرائح عن مراحل درب الصليب مصحوب بترانيم بصوت فيروز
للتحميل اضغط هنــــــــا