9 سبتمبر 2014

قصة نوح


استشرى شر الانسان. فتدخل الرب ليعيد النظام للكون. وكانت المخلوقات كثيرة تتكاثر وتعيش في قناعة وانسجام، وتكاثرت وهي تعيش في وئام. ماعد الانسان انه المخلوق الوحيد الذي خلقه الله في صورته، وله القدرة على التفكير و التمييز بين الخير و الشر. ولكن الانسان ابتعد عن خالقه، وبمرور الايام بدأ يحب ذاته وعمله اكثر من حبه لله.. واخيرا اعلن نفسه اعظم من الله - فقد اعلن اناس امثال مردوك انفسهم الهة و حكموا بطغيان و فساد. الاغنياء يسلبون الفقراء، وامتلأت قلوب الناس بالفساد وبالحقد و بالشهوة، فيما عدا رجل واحد اسمه نوح.

تجمع الاولاد الثلاثة حول ابيهم و قد بدا عليه علامات الحزن. و قال سام:

- ما خطبك يا ابي نوح؟

- لقد قبض "اوروريت" على زعيم سكان الجبال وارتكب مذابح بشعة بحقهم.

- ولكن هذه الشرور موجودة في كل مكان و في كل البلدان، فلماذا تبكي بسبب تصرفات هؤلاء الاشرار؟ انهم ليسوا اكثر من حيوانات تعيش في كهوف..

قاطعه الاب:

- يا اولادي سكان الجبال بشر مثلنا وهم اخوتنا ولكنهم كالاطفال يحتاجون الى المساعدة لكي نخرجهم من ظلمات الماضي الى النور.

قال حام وقد ظهر عليه علامات الشفقة على ابيه: انه يحز في انفسنا ان نراك هكذا. فكل زيارة لك الى ارض"فوريلوك" زعيمهم تشبه رمحا دخل قلبك. لماذا لا نترك هذا المكان؟ هناك اماكن فيها مراع لاغنامنا. انني لا احتمل رائحة هذه المدينة الكريهة. هيا ننتقل الى اراضي الشمال حيث الخضرة والمياه الصافية..

قاطعه يافث: بل الى الشرق. أليس صحيحا ان السكان هناك يعرفون اسرار النجوم؟ .. بل سر الحياة نفسها؟

نهض الاب من مكانه ووضع اصابعه على جبهته واطرق هنيهة وقال: يا ابنائي الاحباء لقد شاهدت في حياتي وفي معظم المدن ان الناس جميعا سواء. ويحز في نفسي ان الناس فسدوا الى هذه الدرجة.

ثم تركهم
+++

ان شرور الانسان كثرت فمدينة "هوريلوك" امتلأت بالجرائم فاطفالهم اصبحوا لصوصا. والبشر يباعون و يشترون كالانعام في السوق. والعنف و التعذيب اصبحا امران طبيعيان. لقد ازل الانسان اخاه.

..

ذهب نوحا واولاده الى مدينة "هوريلوك" لبيع اغنامهم.. قابلهم احد الرجال وقال له:

- حيواناتكم ليست للبيع..

اجاب الاب: اتقول اننا لا نستطيع بيع حيواتنا؟

بل لان حيواناتكم افضل بحيث لاتباع للعامة. انني سأشتريها كلها لمائدة الالهة. 20 دينارا ثمنا لها.

اجاب حام: 20 دينارا انها تساوي 300

احتد يافث واندفع ملوحا بيده: ابي اعطني اذنا لارد عليه.

استل الرجل سيفه وهو يقول: أتستخدم السيف ضدي؟ لقد قتلت رجالا اشد منكم.

نوح محاولا ان يمتص غضب الرجل بطريقة مازحة : هون عليك. لا يمكنك ان تقتلنا فمن الذي ستغشهم في العام القادم؟

ثم اطرق برهة ويمكن وصف الفكرة الطاغية التي كانت تدور في رأسه في تلك اللحظة بانها تتلخص في تلك الكلمات "لقد امتلأت الارض شرا وفسادا" ثم فتح يده واستلم العشرين من الفضة وانصرفوا.

+++

كان النخّاس يصطحب "ليلا" خطيبة يافث مقيدة لبيعها في السوق.

يافث: ابي انظر ماذا نفعل ل"ليلا"؟

الاب: ماذا ترى يا ولدي؟

سام: هون على نفسك يا يافث. تعال فسيكون كل شئ على ما يرام.

الاب للنخّاس: لابد ان خطأ ما قد وقع. ولدي يميل الى "ليلا" و قد تفاهمت مع والدها "ستاج" بالامر.

النخّاس: لقد انتظر منك ان تدفع مهر الزواج وتأخرتم، ولذلك باعها لي.

الاب: اذن سأشتري حريتها منك، و سأعطيك ما دفعته لشرائها.

النخّاس: انني اشتري النساء و ابيعها مقابل ربح، فبيت الغانيات يدفع اكثر للعذارى.

الاب: خذ 20 دينارا.

النخّاس وقد بالغ في السخافة مداها: لو اردت المرأة من اجل ولدك فادفع 100 دينارا.

قال يافث لها وهم يفارقونها وقد احس بالخيبة لعدم اتمام الصفقة: تأكدي انه لن اسمح بأن يحدث لك سوء.

بينما يتجولون في السوق قال الاب لابنائه: اطمئنوا. لو كانت ارادة الله ان نحررها فحتما سنجد الوسيلة لذلك.

في هذه الاثناء كان النخّاس قد اخذ "ليلا" ووضعها في بيت الغانيات. صاح بالحارس وهو يغادر المكان: راقبها جيدا و الا انتزعت عيناك.
***

في طريقهم مروا على حلبة قتال كان يتصارع في وسطها اثنان وقد احتشد الناس حولهم وهتافات الاستحسان او التقبيح لا تنقطع منهم. فعزم الاب على دخولها. صاح يافث بابيه: هل ستدخل هناك الى الحلبة؟ لابد ان هناك اخطارا.. لا يمكنك ان تغيّر الدنيا .

قال الاب: ان لم افعل ذلك فسيكون مثلي مثل فاعل شر.

فى حلبة القتال صاح في المتقاتلين: توقفوا عن هذا العنف والقتل. وبعبارات لاذعة قال: اى نوع من الناس انتم؟ ما هذه الوحشية؟

قبض عليه الجنود واخضروه الى حاكم المدينة الذي كان يشاهد المباراة ومعه قائد جيشه ومعاونوه.

ودار الحوار بينه وبين قائد الجيش كالتالي:

- انبطح و قبل التراب امام ملكك والهك.

- انصت اليّ. هناك اله قوى. خالق السموات و الارض وهو اله الحب و الخير. وهو لا يوافق على الشرور التي تمارس هنا.

- ثمة اله امامك ايها الغبي.

- باسم الله الحق اطلب منك ان تفعل الخير قبل فوات الاوان. اطلق سراح القوم الذين لم يلحقوا بك اي ضرر.

- من تظن نفسك؟

- انا صوت صارخ في البرية. اندم ومارس الصلاة وعمل الخير قبل ان يهبط العقاب عليك من السماء.

- اصمت . اترك مدينتي فورا. ولو عدت ثانية فموتا تموت.

انصرف الاب وابناؤه.

***

جاء النخّاس مهرولا و هو يصيح: انتظر. اين هي؟ هل عرفت اين ذهبت؟

اجاب حام: من اين لي ان اعرف.

النخّاس: المرأة "ليلا". لقد هربت ولابد انك شاهدت اين اتجهت. لابد ان اعثر عليها فهي ملكي .

الاب: سأشتري حريتها منك. و بذلك لن تحاول البحث عنها.

النخّاس: اعطنى 20 دينارا الان و لا تطالبني بالمبلغ ان لم تجدها.

الاب وقد ظهرت عليه علامات الجد والصرامة: سنتمسك بالاتفاق مهما حدث.

الاخوين مخاطبين اخيهم الاصغر بلهجة رقيقة: سنساعدك في البحث عن "ليلا".

اخذ يافث يجري في الجبل وهو ينادي بلهفة: ليلا.. ليلا!

كانت ليلا قد اختبأة في احد الكهوف القريبة واخذت في البكاء. حينما سمعت صوته خرجت وحينما وقع بصرها على يافث قالت بصوت ملؤه الاسى: ان لم اصبح زوجتك فاتركني للوحوش. افضل الموت عن بيعي في السوق .

اما يافث فقد مد يده ومسح الدموع من عينيها ثم تناول يدها ووضعها على موضع قلبه وابتسم ابتسامة رقيقة وقال بلهجة واثقة: سنتزوج غدا.
***

الاب: اننا نرحب بك في اسرتنا و قلوبنا. فهل يمكنك ان تقبلي هذا من اجل زوجك.

اجابت ليلا برقة: ان قلبي يفيض بالسعادة بهؤلاء الاخوة و الاخوات و بأبي نوح.

الاب: هل تقبل يا ولدي ليلا و تفضلها على النساء جميعهن لتكون زوجتك و تحبها و تحميها طوال حياتك؟

يافث بلهجة بها الكثير من الشوق: اقبل.

اخذ الاب بيد ابنه ووضعها في يد "ليلا" ليعلن اتحادهما وانها اصبحت رفيقته في طريق الحياة. ثم وضع يديه على رأسيهما وهو يردد البركة: "يا الهي بارك اتحاد يافث مع ليلا بحيث يكونان جسدا واحدا لخدمتك باخلاص". ثم تناول قدحا من الخمروناوله لابنه قائلا: اشرب يا ولدي، ثم ناول نفس القدح ل"ليلا" فشربت ايضا ثم اخذه منها و القاه الى الارض فتكسر وهو يقول معبرا عن رمزية الفعل: هذا القدح المكسور يذكرنا بان الاحزان قد تأتي وسط الافراح ولكن اتحاد يافث مع ليلا لن يتحطم. ثم بعبارة ظهر فيها فرحته وسروره بزواج ابنه قال: الان تبادلا القبلات.. مسح بيده على شعرها ورفع وجهها بيده ثم طبع قبلة على فمها .. تعالت ضحكات رقيقة من الجميع.
***

جاءت من خلفها وطوقت عنقها وهي تقول بتودد: قد يتلف العجين قبل الخبز يا اماه. استدارت بهدوء وبوجه ملأته البشاشة نظرت اليها وقالت: ولكننا لن نخبزه حتى ينتهي نوح من صلاته. فعادت لتقول: ولكن صلاته طالت اكثر مما يجب. فحدجتها بنظرها واجابت: انه يصلي من اجل اشياء كثيرة.



على الارض ركع و كان يصلي:

اسمع صلاتي يا الهي.

يا اله اجدادي اجعل كلمتك تنير قلوبهم.

وتبعدهم عن ظلمات الشر قبل زوال كل ما هو خير.



كان نوحا رجلا بارا وكاملا في عيني الرب لذا اجابه الرب ببرق ورعد من السماء وتلى ذلك سماع صوت الرب قائلا:

ان الارض قد فسدت يا نوح وامتلأت بالشر. و لم يعد الناس قابلون للاصلاح. ولذلك سأهلك الارض بالطوفان. فعليك ببناء فلك و سأبلغك بمقاييسه. فتدخل الفلك انت و بنوك و تأخذ معك اولادك و ذكر وانثى من كل مخلوقاتي لا ستبقاء حياة.

تحلق الاولاد حول ابيهم. بينما امسك هو بعصا واخذ يرسم شكل الفلك لاولاده وهو يقول : سيكون طوله 300 و عرضه 50. اجاب حام باندهاش: 300 ذراع؟ هذا شئ هائل. اكبر من اي شئ تم تشييده.

الاب: ليتسع لكل المخلوقات و لنا.

حام: نحن رعاة و لا خبرة لنا بالحيوانات المتوحشة و الطيور.

يافث: و ليس لنا خبرة بالاخشاب. كيف نقطعها او نشكلها او نلصقها.

سام بتجهم: هذا اكثر من اللازم.

برباطة جأش اجاب الاب: سيأخذ الله بايدينا و سيرشدنا.

سام: ومتى سيأتي هذا الطوفان الرهيب؟

الاب: بعد ان يتم بناء الفلك و تدخله الحيوانات و الطيور.

يافث: اننا نحب الرب بكل قلوبنا. قل يا ابي ماذا نفعل؟

الاب: سام انت اكثر حكمة . اذهب الى الجبال حيث تنمو الاشجار و خذ مالا و مجوهرات كسبناها في السوق وامض لسكان الجبال و ساومهم على جذوع الاشجار. ثم التفت الى يافث: وانت يا يافث امض الى بلاد الانهار الثلاثة و قايض جلود الحيوانات بأعمدة من الخشب لبناء حظائر للحيوانات. ثم نظر الى حام وقال: وانت يا حام اذهب للبرية و اجمع كل الحيوانات ذكرا و انثى من كل نوع.. والان انطلقوا يا اولادي فليس لدينا وقت نضيعه.


+++
لم يستطع حام ان يمسك بالقرد. في حين ان ليلا زوجته كانت تحتضن قردا صغيرا فداعبها قائلا: ان لك سحرا كبيرا عليها وهو يحبك.

فتحت ذراعيها فقفزت انثى القرد في حضنها.

قال حام و هو يشير الى نمر كبير : الكلمات لها تأثير على صغار القردة.. فماذا عن هذا النمر المتوحش.

اجابته: لقد جعله الرب مستأنسا.. واقتربت من النمر و هي تقول له: و الان علينا ان نتعرف احدنا بالاخر فنحن جميعا مخلوقات الله و قد اختارنا لنساعدك. ثم اخذت تمرر يديها على جلده الارقط.


***

كان بناء الفلك عملا شاقا احتاج الكثير من السنوات دأب خلالها نوح واولاده في بناء الفلك ..

جاء الى ابيه وقد بدا عليه التعب والامتعاض:

- ابي، لقد اعددنا اكثر من مئة قفص فهل هذا يكفي؟

- اعدد على قدر ما يتسع لهذه المخلوقات .

- لكن حيوانات كثيرة ترد الينا يوميا.. كم تبقى لنا من الوقت؟

- الوقت متسع لنا فلن يرسل الرب الطوفان حتى نستعد.

+++

جاءت ليلا و معها زكيبة حبوب فوجدت امها تطحن الغلال يعاونها زوجات اولادها:

قالت بكلمات مرحة: كأننا قمنا بطحن كل غلال الدنيا.

الام: لقد ملأنا 20 زكيبة بينما نوح يحتاج الى 50 زكيبة من الدقيق.

ردت ليلا: اكثر مما نحتاجه في عام كامل.

يسعدنا ان تكون جاهزة لدينا فلن نجد في الفلك وقتا لطحن الدقيق.

وهل سنبقى في الفلك كل هذا الوقت؟

الام: الله وحده يعلم و لكننا يجب ان نكون مستعدين لكل شئ.

***

قال يافث لاخويه: هذا غير معقول . هؤلاء التجار الجشعون يريدون كميات ضخمة من بقية مؤونتنا.

رد حام: لم يتبق لنا الكثير.

واشترك سام في الحديث قائلا : يريدون صغار الخراف والنعاج..النعاج خاصة بنا و هذا حقنا.

جاءت الام: لماذا تخفي عينيك عن امك؟

يافث: صغار الخراف هي ما نرثه.

واكمل حام: وبدونها سنصبح متسولين.

بطريقة لاذعة قالت: وما قيمة ما ترثونه لو دمر العالم؟

قال وقد بدا في عينيه عدم التصديق: وماذا لو لم يقع الطوفان؟ وماذا يحدث لو لم يدمر العالم؟

لا يمكن ان تشك في والدك. ايماني بالله لا حد له. و انا على استعداد لاي تضحية. انني فخورة بكم يا ابنائي. واشكر الله لانه انعم عليّ بابناء مثلكم.

جاء نوحا فيما كانوا يحدثون وابتسم وهو يقول : انني دائما امتحن ايمانكم ومحبتكم. ثم عانق ابناؤه وهو يقول: لقد ازف الوقت. هيا، خذوا الحيوانات الى داخل الفلك.

وفي داخل الفلك وقف نوح يصلي :

يالهي لقد رفعت روحي وانرت طريقي خلال وادي المخاطر.

ربما عرفت الخوف لكنني لم اعرف اليأس.

لانك ملأت قلبي بالايمان والرجاء.

ان بكائي دليل ضعف الجسد.

اما روحي فهي تتوق لما سيحدث.

لتكن ارادتك يا الهي.

***

قال الحاكم لقائد جيشه وقد بدت في ملامحه علامات الدهشة والغباء معا:

انظر الى تحت .. ما هذا؟

انه فلك.

فلك؟

ما هو الفلك؟

لا اعرف شيئا بالرغم من معرفتي كل شئ.. يقول المجنون انها سفينة.

تبدلت ملامحه وانفردت اساريره وانفرجت شفتاه ثم اغرق في ضحكة جامحة عنيفة اهتز لها بدنه ولم يستطع لوقت طويل ان يوقفها ليتكلم. وتعالت ضحكات القائد وكبار مساعديه.. ثم تألقت مقلتاه و مضى في كلامه ولعابه يتناثر : لو كانت سفينة فما نفعها؟ ليس لدينا نهر!

- يقول نوح ان الاله سيدمر العالم كله بالطوفان.

- ولماذا يريد الاله "هوريلوك" ان يدمر العالم؟

- ليس الاله "هوريلوك" ايها الحاكم، ولكن هؤلاء القوم يؤمنون باله غير منظور يعيش في السماء.

بدأت ملامح وجهه تتغير، فاصطبغ وجهه بحمرة قانية، وقال بغضب وازدراء لا حدود له: الله يعيش في السماء. هذا اهانة لي. اذن سأدمر ذلك الفلك.

قال القائد بكلمات مسعورة: اعطنى نوحا وابناؤه لكي اقتلهم بيدي.

قال الحاكم بصوت اشبه بالحشرجة: سأعطيهم لك و لكن يجب ان تعذبهم اولا. ثم قطب وجه مشيرا الى السفينة بيده: وهذه السفينة يجب ان تحرقها بالنار.

++

قالت لحماتها: لا اصدق ان هذا سيحدث. فلاول مرة اصدق ان هذا الطوفان سيحدث.

واجابتها: لاول مرة؟.. انه امر حقيقي فلا تجزعي. كان نوح يذكر لي هذا كل ليلة. لقد صليت لكي يمنحني الله القوة و الشجاعة.

- اريد ان اكون قوية مثلك يا اماه.

- انت اقوى مما تظنين يا اميرابيل و كذلك ميراياندا و ليلا. لقد اختاركن الله لهذا العمل العظيم. فلا داعي للخوف طالما كان ايمانكن قويا للقيام بخدمته.

+++

صاح الحاكم بقائد جيشه وجنوده: احرقوا الفلك بسرعة. ثم هبطوا مهرولين من اعلى الجبل. وفي الفلك كان نوح يسأل ابناءه: هل ادخلتم جميع الحيوانات؟

اجاب حام و هو يشير الى حيوان "الكسلان": هذا هو الاخير يا ابي.

- هل انت واثق يا ابني؟ سيكون شيئا مخيفا لو نقص واحد.

- لقد راجعنا مرات و مرات كل المخلوقات الموجودة في الفلك.

- ما هذا الصوت المخيف؟

- انه صوت الحيوانات . بل هو شئ اخر واشار بيده الى الحشود التي تجمعت..

كان الحاكم يصيح: هلم احرقوا السفينة من الجانبين. بينما قال نوح لابنائه: ..ادخلوا بسرعة.

"واغلق الرب الباب على نوح ومن معه.

بينما اخذ الجنود يطرقون على الفلك بطريقة مريعة. بينما اشعل البعض نارا وامسكوا بالمشاعل واقتربوا من الفلك و القائد يصدر اوامره لهم: احرقوه تماما.

صاح يافث في هلع: .. انهم سيقتحمون الفلك.. اشم رائحة الدخان..

طمأنه نوح: لابد ان الله سيعمل عملا الآن. وفي الحال ابرقت السماء وارعدت وهطلت الامطار بغزارة لم يسبق لها مثيل لمدة اربعين يوما مستمرة.

وبعد ذلك ارسل نوحا حمامة ليرى هل قلت المياه عن وجه الارض. فرجعت اليه ثانية:

ومد يده الي خارج الفلك وامسك الحمامة وادخلها الفلك وهو يقول: "لن تجدي ارضا جافة لقدميك فعلينا بالصبر الى نهاية الاسبوع التالي".

وعلى ارغن اخذ يضرب حام اوتاره ثم قال لزوجته:

اظنني عرفت لماذا دمر الرب العالم. ليس بسبب الفساد والعنف فحسب بل ايضا لان الدنيا فقدت جمالها.

ولكن الدنيا الجديدة ستكون مثل جنة عدن التي حدثنا ابي نوح عنها بل كان الفردوس المفقود.