قبل الصلب باربعة ايام حل الرب ضيفا في بيت سمعان الابرص وما ان جلس على المائدة حتى اقتربت منه مريم تريد ان تفصح له عما تحمله له في قلبها من احترام و تقدير و ان تعبر عن عواطف ارتباطها المقدس به.
و لكن كيف لها ذلك ؟! فالكلمات تبدو عاجزة تماما، كل ما تملكه كان قارورة طيب. و اذا بها تحضره معها، و هى لا تنوى ان تسكب منه فقط بضع قطرات. و لكن ان يكون كله عربون تكريسها العميق لملك المجد.
و تأتى من ورائه و تكسر القارورة و تسكب ما فيها على رأس المخلص و على قدميه. "فامتلأ البيت من رائحة الطيب" لقد تأثر كل ضيوف بيت عنيا بالعمل الذى قامت به مريم، ماعدا شخصا واحدا بدت له هذه الموسيقى الجميلة كأصوات مزعجة، حتى انه اشمئز من رائحة الطيب الفيحاء. و لم يكن هذا الشخص سوى يهوذا التعس ابن الظلمة .
ربما لم تحدث قط مفارقة مثل هذه، عندما وقفت محبة الذات مقابل الحب الدافئ المقدس، كما نراها في هذه الكلمات التى نطق بها "ماهذا الاتلاف؟ لماذا لم يبع هذا الطيب بـ 300 دينار و يعطى للفقراء؟".
لكن انظروا كيف يقدر الرب عمل مريم. فهو ينبري سريعا ليدافع عنها ضد يهوذا، وضد التأثير السئ الذى عكسته روحه المعتمة على نفوس التلاميذ.
انه هو الذى يضع المعايير لاعمال الناس يعتبر ان ما عملته مريم كان حسنا. "عملا حسنا عملت بي لأن الفقراء معكم في كل حين".. كانت كلمات الرب كسهم نفذ الى قلب يهوذا. فكان يعني بها ان مريم لن تقصر في اظهار العطف عليهم. ".
و يكمل الرب كلامه قائلا: "و اما انا فلست معكم في كل حين". فيا من لم تقبلوا المخلص بعد! ضعوا هذا في قلوبكم. ان يسوع لن يكون معكم بعد ان يكون الموت قد نشر اجنحته السوداء فوقكم، و بعد ان تكون حواسكم قد فارقتكم تحت وطأة المرض. انه لن يكون معكم بعد ان يكون الله القاضي العادل قد سلمكم في النهاية لافكار الضلال! لتجد لها مستقرا دائما في اذهانكم، لانكم قد قسيتم قلوبكم زمانا طويلا، امام نداءاته لكم بالتوبة. فاهرب اذا ايها الحبيب من الغضب الاتي و لا تدع امرا يعطلك عن الاسراع للمخلص المبارك.