الفجر يرسل خيوطه الفضية معلنا يوم من اخطر الايام، و اهمها انه يوم الجمعة العظيمة. و رغم انها ساعة مبكرة لكن اعضاء مجلس السنهدريم مستيقظون وفي نشاط تام. و يقف الرب امامهم كمتهم و يعود القاضي يسأله مرة اخرى "هل انت المسيح؟". وكأنه لم يصرح لهم منذ قليل انه هو، و لكن يبدو انهم مترددون ان يسلموه للموت كمضل ومجدف، بدون توفر ادلة اخرى.
و يفتح الرب فاه، و لنلاحظ كيف يتغير الوضع، و يصبح المتهم قاضيا و القضاة مذنبين. يقول الرب "ان قلت لكم لا تصدقون و ان سألت لاتجيبونني ولا تطلقوننى".
و ما اكثر الناس الذين ينطبق عليهم هذا القول. اعني الذين يظهرون دائما انهم يريدون ان يعرفوا من هوالمسيح! و انهم لن يستريحوا حتى يقتنعوا، و لكنهم لا يريدون ان يؤمنوا. و السر في هذا، انهم يخافون ان يطلب اليهم ان يتخلوا عن امجاد العالم و شهواته. فلا يزال ماثلا امامنا القول الذى قاله البشير عن امثالهم. انه "آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَيْضًا، غَيْرَ أَنَّهُمْ لِسَبَبِ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِهِ، لِئَلاَّ يَصِيرُوا خَارِجَ الْمَجْمَعِ، لأَنَّهُمْ أَحَبُّوا مَجْدَ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ مَجْدِ اللهِ."(يو12: 43). لا يزال الضمير يشتكي ضدهم لكى لا يتركوه. و لكن ليس لديهم الجرأة للاعتراف بالحق. و من ثم يتركون الامر معلقا دون ان يتخذوا قرارا حاسما.
و يجدد الرب تصريحه بقوله "من الان يكون ابن الانسان جالسا عن يمين قوة الله"
ان اعضاء السنهدريم بما لديهم من خبرة بلغة الانبياء اخذوا كلمات الرب بهذا المعنى فصرخوا جميعا بصوت واحد "افانت ابن الله" فاجابهم بكل احساس بالعظمة و الجلال الالهي "انتمتقولون اني انا هو"
و نهض المجلس في هياج و سخط و هم يصيحون "ما حاجتنا بعد الى شهود لاننا قد سمعنا من فمه". هذا حق لقد سمعوها من فمه، و قد تسجل اعترافهم هذا في السماء. و لابد ان يشهد ضدهم يوم الدينونة الرهيب..
كم هو مفجع ان نرى هاتين اليدين اللتين لم يستخدمهما الا في صنع الرحمة، تقيدان بالسلاسل و كأنهما يدا مجرم. و لكن شكرا لله لانه حجز صواعق غضبه عن ان تنقض لتهلك الاشرار الفجار عندما