اشرق الصباح و طلع نهار يوم من اخطر الايام الحافلة بالاحداث الحاسمة في تاريخ العالم. انه رئيس السلام الذى يوثقونه هكذا كمجرم، و هؤلاء الجنود الذين يحيطون به بسيوفهم و حرابهم، هم فقط قليل من كثير، اذ كانت هناك قوة اخرى خلف المنظور بقيادة الشيطان..
و يصل الموكب الى دار الولاية. و يمسكون باسيرهم و يدفعونه بوقاحة الى الداخل. "ولم يدخلوا هم الى دار الولاية لئلا يتنجسوا فيأكلوا الفصح". لقد اطاعوا فرائض معلميهم التى ابتدعوها من وحيهم الخاص، و التي كانت تقرر ان دخول بيت فيه مختمر ينجسهم..
و بكرم اخلاق مصطنع يخرج اليهم بيلاطس ليستفسر عن سبب مجيئهم و يسألهم" اية شكاية تقدمون على هذاالانسان" و لم يكن جوابهميتفق مع العقل السليم "لو لم يكن فاعل شر لما كنا قد سلمناه اليك"و لا يجب ان يفوتنا ان نعرف انهم ارادوا ان يخفوا اضطرابهم و حيرتهم فلم يكن لديهم شئ يمكنهم ان يقدموا تهمة مدعمة بالادلة ضد اسيرهم.
و يترك بيلاطس لهم الفرصة ان يريعوه بنظراتهم المتجهمة. و بذلك يخطو الخطوة الاولى فى ذلك الطريق الزلق، الذى سنراه فيه محمولا ليرتكب جريمة تلو الاخرى ضد رادته، ليصل في النهاية الى وهدة الهلاك الابدي.
"فقال لهم بيلاطس خذوه انتم و احكموا عليه حسب ناموسكم". يا له من مسلك مشين من قاض وظيفته ان ينفذ القانون و يقر العدالة في الارض! يود الوالى ان يتنصل من الاشتراك في جريمة قتل القدوس. و لكنه لا ينجح، فعليه اما ان يعلن براءته جهرا، او يقف ضده. اما ان يقف في جانب القدوس، اوان يعلن قبوله و اقراره لابشع جريمة دموية. و هكذا الحال معنا، فما اقصر الفرصة التي امامنا لنحدد موقفنا، كما كان الحال مع بيلاطس. ان يسوع يشهد لضمائرنا انه الرب، ليس لنعبر عنه في هدوء بمجرد تحية عابرة و انما لنقبله ربا و مخلصا..
انه امر مفجع ان نرى الظروف تتلاقي معا ليظهر و كأن بيلاطس كانت قدماه تجر ليكون شريكا لليهود في جريمتهم و هذه نتيجة حتمية طالما انه لا يستطيع ان يصمم ان يعطي قلبه و يقدم السجود ليسوع مثل كل انسان يقاوم في عناد دعوة الله للخلاص فيملأ مكيال خطاياه.