12 أبريل 2011

نهاية الخائن



يجد يهوذا نفسه في موقف مرعب و قد ولت عنه الفكرة الوهمية التي كان يهدئ بها ضميره وهى، ان يسوع صانع المعجزات في امكانه ان ينجي نفسه منايدى اعدائه.
انظروا اليه و هو يهرول مسرعا مثقلا بحزن شديد. فالسماء قد تخلت عنه. و يندفع التعس نحو الهيكل، و هو يريد ان يتخلص من اجرةالخطية الملعونة. و يقول لرؤساء الكهنة في غضب و غيظ شديدين "اخطأت اذ اسلمت دما بريئا". و يهوذا هنا يقدم لنا مثلا مخيفا ان الانسان قد يلجأ بكل وسيلة ليحرر نفسه من لعنة الخطية. و مع ذلك لا ينجح لان يسوع ليس من نصيبه، و لا هو من خاصة يسوع.
لقد اتم العمل البشع و هو يعترف بجريمته. و يفضل ان يحتمل العار و الخزى من ان يبقى ثمن الدماء عالقا بيده. و هل يطلب من الخاطئ ان يفعل اكثر مما فعل هو؟! و مع ذلك ظلت الخطية لاصقة به. و لم يزل قيد الشيطان لم يتحطم، و ارتعاده كان بلاجدوى، وهكذا كان ندمه و اعترافه غير كاف، ان يطهره من الخطية و يهلك يهوذا بصورة مخيفة، لماذا؟
هل لان خطاياه زادت عن مقدرة الغفران الالهى؟ هل لانه كان سارقا و منافقا؟ فهكذا كان اللص على الصليب بل و اكثر منه. و مع ذلك وجد اللص الطريق الى الفردوس. هل لانه خان السيد هكذا فعل الكثيرون و خلصوا. هل لانه شنق نفسه؟ حتى لو لم يفعل ذلك و قضى بقية حياته في محاولات صادقة لاصلاح نفسه. لكان ايضا قد هلك،؟ لسبب واحد انه لم يكن تحت دم يسوع المسيح.
هنا نرى بوضوح كيف تسخر الخطية من كل محاولات بشرية للتخلص من دينونتها. فلا الندم يحرر منها، و لا العهود الصادقة تستطيع ان تضع نهاية لها. و لكنها تبقى تتحدى كل المحاولات، و بعد ان تحول الحياة الى مرارة. تنقل اسراها الى ليل الموت الابدي و تسلمهم للهلاك.
يظن يهوذا انه يستطيع ان يتخلص من حمله المخيف، عندما يعيد الـ 30 من فضة. و لكن عبثا يستطيع ان يصفي الحساب مع الخطية بهذه الطريقة. و اخيرا يستسلم لليأس، و يلقى بنفسه فى احضان الموت، و لكن حتى هذا لا يستطيع ان يريح النفس من سلطان ابليس.
فمن استطاع اذا ان يكسر نير ابليس و ينتصر عليه؟ انه ذاك الذى من منظره تملك الرعب قلب يهوذا بدلا من ان يفرح باجرة تسليمه.
ان ابن الهلاك قد هلك لانه- في كبرياء قلبه- لم يرض ان يلق بنفسه بصبر و ايمان بين يدى سيده الذى سلمه. و لو فعل ذلك لكان يسوع قد اتى به بكل تأكيد الى مرفأ السلام الابدى.
و لو ان يهوذا بكل تواضع و شجاعة، قد حول وجهه الى يسوع بعينين دامعتين. لكان قد ظفر بنظرة الرحمة الغافرة. فلن تعجز النعمة امام انسان و لو كانت خطيته "حمراء كالقرمز". فدم الفداء يكفي لتبييضها..
و ينفصم الحبل الذى شنق التعس نفسه به. و الشجرة التي اختارها لتكون مقصلة، تختم عليه حياته تنفضه عنها في فزع. فيهوى المسكين الى الارض و ينشق من الوسطو تنسكب احشاؤه كلها.
اما هذا الحقل الذى اقتناه باجرة الاثم، فقد اطلق عليه "حقل الدم". و بذلك جعل تذكارا للتلميذ الهالك، لينادى للعابرين بهذه الكلمات: "كل من داس دم ابن الله لا تبقى له بعد ذبيحةعن الخطية؟
ليت كل انسان اخذ في زلة، يسرع الى عرش النعمة بلا تأخر. و ليت كل انسان احس بسطوة الخطية، ان لا يكف عن الصلاة و السهر، حتى تنكسر شوكتها برحمة ذاك الذى سحق رأس الحية.